المقاهي مصدر إلهام كبير !

صندوق الدنيا - المقهى

0 535

جعفر أحمد حمدي– شاعر مصري

كالكثيرين من أبناء الريف وخاصة الموجود في صعيد مصر، كنت بعيدا عن المقاهي، فالأهل يحذروننا منها ومن الجلوس عليها خشية أن نلتحق برفقة غير صالحة، لكن مع الوقت وتحديدا بعد الإنخراط في الوسط الأدبي، كانت لقاءاتنا كلها على المقاهي، ومن هنا بدأ يتشكل الوعي لدي. أتذكر أول جلسة أدبية وكنا رفقة بعض الشعراء فجلسنا على مقهى غير معتاد للشعراء، وما إن بدأنا الحديث وجدنا الناس تنصت، وبدأ نقاش ثقافي طال أمده لساعات، بعدها قرأت عن المقاهي التاريخية، وكيف أن مقهى “ريش” بوسط البلد بالقاهرة، كان بمثابة صالون ثقافي كبير، سطرته الشعراء في قصائدهم، أذكر أن ديوان نجيب سرور “بروتوكولات حكماء ريش”، كان ابن هذه النقاشات، وغيره الكثير. أصبح للمقهى طابعا خاصا، ففي وسط البلد تحديدا، لا تشعر بالغربة إن جلست على أحد المقاهي المعروفة للأدباء، فما إن تجلس تجد من يسلم عليك، أو من يربط بين وجهك على مواقع التواصل الإجتماعي، فيبدأ بالتعرف عليك والجلوس والنقاش، على عكس الجلوس في المقاهي العادية، تشعر بغربة شديدة، خاصة ونحن ضيوف على القاهرة.

بالنسبة لي تعد المقاهي مدخلا رئيسا للكتابة، فطقس الكتابة عندي مرتبط بضجيج الحضور، أعرف أن أتماهى مع عقلي الباطن وأخرج لأكتب، رغم ما يحيطني من ضجيج، هكذا اعتدت، تطور الأمر ليصبح روتينا يوميا. أذهب للمقهى، لي ركن خاص في آخر الرواق، أجلس فيه، بعد أن أشرب قهوتي، وأتصفح مواقع التواصل الإجتماعي، أبدأ في القراءة أو الكتابة، وأصبح أيضا المكان الذي نلتقي فيه بالأصدقاء، فلا حاجة لنا للذهاب إلى المنازل، فقد وفرت المقاهي ساحة رحبة للنقاش تتناسب مع رحابة الشارع لا ضيق المنازل، وهنا تشعر بمرارة ما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش: ” وإن أعادوا لك المقاهي القديمة

من يعيد لك الرفاق؟!”.

بالفعل نحن مرتبطون بالمقاهي لما تمثله من ذاكرة، فتجلس على مقهى ما وتقول كان يجلس هنا نجيب سرور، وأمل دنقل، ونجيب محفوظ، وخيري شلبي، في هذا الركن كتبت أول نص، في هذا الركن جمعت ديواني الأول، في هذا الركن قابلت فلانا وقال لي نصيحة مهمة في الكتابة، صارت المقاهي جزءا رئيسا من حياتي الأدبية، وأظنها مصدر الإلهام الأوحد …

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.