آخر أفلام مايكل باول Peeping Tom

ورشة فن - سينما

0 965

فاطمة مصطفى – السعودية

بعد صدور فيلم Peeping Tom  عام 1960 لمايكل باول, وجد المخرج البريطاني نفسه فريسةً للنقاد, لم يلق فيلمه رواجًا ولم تنجح افتتاحاته وبالكاد سمحوا بعرضه في الولايات المتحدة, وأخيرًا وضع نهاية لمسيرة المخرج الذي صنعه.

يتمحور الفيلم حول مارك لويس, تستطيع منذ البداية ملاحظة ارتبكاه وخجله. يعمل مارك نهارًا كمساعد في استوديو أفلام, ويلتقط صورًا فاضحة ليلًا. عبر الفيلم نرى مارك يصنع فيلما وثائقيا عن الخوف في ساعات فراغه, يركز في تصويره على الذعر الذي تحمله النسوة على وجوههن بينما يقدم على قتلهن بواسطة سكين مثبتة في عصا كاميرته, يتأملهن وهن يشهقن في وجه الموت. ثم يعود لظلمة منزله ويعيد مشاهدة ما ارتكبه من جرائم, فهو مهووس بما يفعله الخوف في ملامح ضحاياه. يظل يحدق في المشهد المرعب والألم يتملكه.
يعيش مارك في المنزل الكبير الذي ورثه عن والده. والده الذي حمل نفس الهوس بتأثير الخوف على الانسان لدرجة أنه جعل ابنه الوحيد موضوعًا لأبحاثه السيكولوجية. نستطيع لاحقًا معرفة الماضي الذي آل به إلى هذه الحال الوحشية. عندما يبدأ مارك بالتعرف على جارته هيلين التي تقطن الطابق السفلي من منزله ويبدأ بإستلطافها, يدعوها في أحد الأيام لمنزله والاستوديو الخاص به بعد أن أبدت هيلين اهتمامًا وفضولًا بما يصنع. يريها أولًا أحد أفلام والده -الذي كان عالم سيوكولوجيا- يظهر مارك وهو طفل صغير في أول لقطة, يتم إيقاظه في منتصف الليل عبر تسليط ضوء قوي على وجهه, وفي مقاطع أخرى يقوم والده برمي سحالي على سريره ويوثق ما يُحدث ذلك من أثر على الصبي. يبكي الطفل ويستغيث بينما يقف والده خلف الكاميرة يصور رعبه دون اكتراث, في المشهد التالي يجلس مارك الصغير بجانب تابوت والدته. فبالنسبة له مارك مجرد أداة تجارب لأبحاثه.
في أفلام مايكل باول تلاحظ اهتمامه بالجانب المظلم في علاقة الفنان بصنعته, كيف يمكن للشغف أن يستهلكك ويدفعك للجنون. كيف يتجاهل الفنان أحيانًا انسانيته وينظر للناس على انهم مجرد موضوع يمكن الاستفادة منه لخدمة تحفته العظيمة. لا يفكر عندها لا بالمبادئ ولا الأخلاق, فهو مستعد أن يقدم اي شيء في سبيل إنهاء عمله بالشكل المطلوب.
يتضمن الفيلم الكثير من اللقطات من منظور كاميرا مارك لنرى ما يراه من خلال عدسته, تلك الكاميرة التي كانت هدية من والده والتي تلازمه طوال الوقت عبر الفيلم, يتكأ عليها عندما يشعر بالألم, يبقيها بجانبه ويأخذها معه في كل مكان.
يجازف الفيلم بالكثير ويتناول مواضيع جريئة بالنسبة للحقبة التي صدر فيها للمرة الأولى. فطابع الفيلم العام وألوانه الحمراء والصفراء يشبه أجواء الافلام الخلاعية, يلعب القاتل دور البطولة ويستثير عاطفة المشاهد وشفقته عكس ما كان متعارفٌ عليه آنذاك. بالنسبة للنقاد في ذاك الوقت تعتبر طريقة حركة الكاميرا واستخدامه للموسيقى وأسلوب الEditing وألوانه الفاقعة ومستوى العنف غير مقبولة أبدًا. إنه لأمرٌ مثير للاهتمام أن النقاد يملكون قوة لهدم مهنة مخرج -أهم مخرجي بريطانيا على وجه الخصوص والذي كان يعتلي مركزًا لا يستهان به- بسبب فيلمٍ يُعتبر في يومنا الحالي أحد أهم أفلام الإثارة والرعب النفسي.

يعتقد الكثير أن أكثر ما أثار حفيظة النقاد في الماضي هو أن هذا الفيلم يضع البطل المجرم ومحبي الأفلام في نفس الكفة, فكلاهما يقضي معظم وقته في مراقبة الناس وتحركاتهم عبر الشاشة في غرفة مظلمة.
وجد الفيلم صداه عند فئة قليلة خلال السبعينات, ولم ينل الاحتفاء والاعتبار الذي يستحقه إلا عندما قال مارتن سكورسيزي أنه أحد أفلامه المفضلة. ساعد سكورسيزي لاحقًا بإعادة إصدار الفيلم مما ساعد في وصوله لجمهورٍ أعرض. يقول سكورسيزي “إن إلتقاط صورة شخصٍ ما فعل يحمل سلطة غريبة. في بعض الثقافات يرفضون تمامًا التقاط صورهم لأن ذلك يسمح للمصور بأخذ قطعة من روحهم معه. عندما يوافق شخص على أن يظهر في صورة فهو يقدم لك جزءًا مميز من ذاته. وهذا بالضبط ما عبر عنه مايكل باول في فيلمه Peeping Tom.”

Peeping Tom
هو فيلم بريطاني مثير عن الرعب عام 1960 من إخراج مايكل باول ، من تأليف ليو ماركس ، وبطولة كارل بوهم ، وآنا ماسي ، ومويرا شيرر. يدور الفيلم حول قاتل متسلسل يقوم بقتل النساء أثناء استخدام كاميرا فيلم محمول لتسجيل تعبيراتهم عن الموت. عنوانه مشتق من التعبير العام “Peeping Tom” ، الذي يصف المتلصص.

صفحة الفيلم على IMDB

 

لمشاهدة العرض التشويقي للفيلم:

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.