بنت الجيران

0 366

أحمد إسماعيل زين – السعودية

أفاق من نومه على أصوات طبول راقصة للفرح تنبعث من السطح المكشوف للجيران. عدل جلسته منصتًا لها، فذرفت عيناه دموعًا متلاحقة حين سمع المنشدة تقول: (يا طير بلغ سلامي لأهل القلوب السليّة)1.

قام بوضع سبابتيه في أذنيه، لكنه عجز عن سدهما؛ عن الاستماع لبقية أنشودة الفرح الراقصة. استمر على سريره يجاهد أذنيه بعدم الاستماع للمنشدة، ونفسه تجلده بترديد كلمات الأنشودة المحببة إلى قلبه مع المنشدة حتى انتهت منها. بعدها، قرر العودة للنوم مستغلاً توقف الصخب المنبعث من السطح، الذي لم يكن يفصله عن غرفته، التي ينام فيها سوى جدار خرساني، فتمدد على سريره، لكن خيالًا ارتسم أمامه منعه من إغماض عينيه، فهرب منه مضجعًا على شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، فلم يستطع الهرب منه. أخيرًا، استقر به الحال منكبًا على وجهه للحظات فوق الفراش، وذلك الخيال يمنعه من العودة للنوم .

عادت الأصوات بنفس الإيقاع من فوق السطح للمرة الثانية؛ فنفض لحافه وهب واقفًا؛ يتراقص على وقعها وحيدًا داخل غرفته، حتى سمع المنشدة تردد (ما شلت حاجة في يدي برجع ويدي خليّة)2. عندها، توقفت قدماه عن الرقص، وراح يتابع بكل جوارحه كلمات الأنشودة الحزينة المكررة على وقع طبول الفرح المنبعثة من فوق سطح الجيران؛ وقبل أن تتوقف المنشدة عن إكمالها، رمى نومه، أحلامه، والخيال الذي كان يؤرقه في غرفته، وأجبر قدميه على الرحيل عن الحيّ .

1و2: مقطعان من أهزوجتين تنشد في الأفراح الشعبية الجازانية.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.