” شارع فرعي” و “في الانتظار”*

0 485

رأفت خليل – الأردن

شارع فرعي

في شارع فرعي، حيثُ لا مكان أذهب إليه أقف وأشعر

بالارتياح. في مدينة مزدحمة كهذه، عثرتُ على مكان

أركن فيه سيارتي

أسترخي كمن يخرج من معركة ضارية

أسأل نفسي، ماذا جئتُ أفعل هنا؟

شارعٌ ضيق بلا حركة، معتمٌ وقذر

مناسبٌ لارتكاب جريمة

ما الهدف؟

على ناصية الشارع، من حيث أتيت، في المرآة الجانبية

فتاة بملابس رياضية تشعل سيجارة.

أتذكر هدفي التافه الذي انطلقتُ من أجله. يبعد أربع بنايات

وفكرة المشي لا تبدو سيئة بنظري

الفتاة تنفث دخان سيجارتها كمن يتأفف، مرة تنظرُ إلى ساعتها

ومرة تعبثُ بأزرار هاتفها.

لا أشعر برغبة في الخروج من السيارة، لا أفق بهذا المكان

البنايات العالية تحيط بي من كل في جهة

السماء لا تظهر.

في المرآة، الفتاة اختفتْ، لم أنتبه حين غادرتْ

الآن، لا حياة تنبضُ لأراقبها

محرك السيارة ساكنٌ تمامًا. أسترخي مجددًا

وأكاد أسأل نفسي مرةً أخرى

ماذا جئتُ أفعل هنا.

في الإنتظار

كل ليلة، هذه الليلة، كتفي على الرخام ذاته، الحنون الذي لا يشتكي. معطلة الأرقام التي يجب أن تكون حمراء، تهبط دون رؤية. صوت خفيض لبكرات الكون. عرشي في مكانه، أحسبه حيث أخلع حذائي، أراه وأنا ناظرٌ إلى الشقّ الطولي للمعدن. أقل من دقيقة، ربما، وينتهي إلى الصفر. مركبتي هامدة على بعد عدة مترات. للصفر الأرضي دائمًا صوت جرس، أحيانًا يختلط بصوت مفاتيح تعبث بها أصابع متوترة. يحتاج المرء أكثر من حاستي السمع والبصر ليدرك الصعود أو الهبوط. الشعور خارج الحواس، كالإمساك بإيقاع الحياة، تلك التي تترك بين أضلاعها بعض العلامات. على الأغلب، الباب يُفتح، صدمة الإدراك تأتي دفعة واحدة. الزمن المتروك للتصرف قد يساوي صفرًا. عليك أن تخرج من الباب الى باب آخر، تفتحه على الحياة التي أخترتها، حياة محبوسة في حيز، فوقها وتحتها وعلى جانبيها حيازات مشابهة. أن يتوقف، أو تموت .. فيه، بلا علامات، بالداخل أو الخارج، هو التوقف أو الموت خارج الحياة، بين حيوات معلقة في سلسلة مفاتيح ضائعة، تحملها للسخرية، على الدوام بيدك. تتعطل الدلالة بفساد اللغة، حين يفقد الكون إحدى مسنّنات عجلاته.

أصل إلى عرشي، أكتب هذه الكلمات، تقرأها أنت، فوقها وتحتها وعلى جانبيها، بالوصل والقطع والسكنات حيازات مشابهة. من ذا يستطيع أن يدخل اللغة متى شاء ويخرج.

* نصان من ديوان “كل شيء مضاء بالعلامات” سيصدر للشاعر قريبًا عن دار خطوط وظلال.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.