جامعة روما لا سابينسا (المعرفة) Sapienza Università di Roma

0 670

سعاد خليل – ليبيا  

سعاد خليل
سعاد خليل

تعتبر أول جامعة في أوروبا، وثاني أكبر جامعة في العالم؛ بما تتمتع به من العراقة التي تجاوزت السبعمائة عام، وبطلبة تجاوز عددهم 145.000 طالب. وقد أدت الجامعة دورًا في تخفيف الازدحام الذي بدأ عام 1999 بقوانين معينة، وأعيد إخلائها سنة 2005 لإنشاء خمس جامعات متشاركة تتضمن ثلاثة وعشرون كلية، وأكثر من أربعة آلاف وخمسمائة أستاذ إلي جانب خمسة ألاف موظف إداري وفني. إنها جامعة روما لا سابينسا. وLa Sapienza  تعني (المعرفة)؛ وروما هي العاصمة الايطالية واحدى مدن أوروبا التاريخية الزاخرة بالفنون والتراث، التي ظلت طيلة قرون عديدة حريصة أن يكون لها طابعها الخاص المتميز ذو الصلة الوثيقة ببيئتها الجيولوجية والحضارية والطبيعية.

روما الايطالية تملك ثروة لا مثيل لها من الآثار التي ترقي إلي الحقبة الاترورية، وصولًا إلى عصرنا الحديث؛ وهي معروفة بغناها بالمعالم الأثرية المختلفة والقلاع المحصنة وأقواس النصر، إضافة إلي القصور والكنائس، وبها حمامات كراكلا والفروم الروماني والكولوسيو. إلى جانب المدينة الجامعية بروما، وهي محور موضوعنا، هناك مواقع ثقافية هامة، حيث تمثل روما المركز العالمي للدراسات الفنية؛ فهي تملك مؤسسات مختصة كأكاديمية الفنون الجميلة، والأكاديمية الوطنية للرقص، والأكاديمية الوطنية للفنون الدرامية، إضافة إلى معهد سانتا سيسيلا للموسيقي Santa Sisilia ، والمعهد المركزي لترميم الآثار الفنية. ويقيم طلاب من مختلف أنحاء العالم في روما لكي يستفيدوا من التواصل مع تراث المدينة في عصر النهضة. المتاحف الايطالية تعد من أجمل متاحف العالم، وهي كثيرة. إضافة إلي القطع والتحف الفنية الاترورية  والرومانية، هناك الساحات ولأماكن السياحية .هذا اختصار شديد عن مدينة روما للتعريف فقط عن مكان هذه الجامعة العريقة كما وصفها قائد الثورة .

جامعة لا سابينسا أو المدينة الجامعية في روما هي احدي أقدم الجامعات الإيطالية. جاءت بناء علي رغبة البابا Bonifacio VIII الذي أسسها في 20 ابريل سنة 1303. وكانت تسمي ستديوم اربيسStudium Urbis. وحسب الإحصائية في عام 2008، بلغ عدد الطلبة فيها أكثر من مائة وخمسة وأربعون ألف طالب، كما تعتبر من اكبر جامعات أوروبا، ومصنفة التاسعة والثلاثين في العالم برقم التنسيب. ووفقا للتراتيب الأكاديمية لجامعات العالم، فإن لاسابينسا تعتبر أهم ثلاث جامعات في ايطاليا مع جامعة ستاتالي ميلانو وجامعة بيزا، وفي ترتيب الجامعات الأوروبية هي الأربع وثلاثين قبل مدارس جامعية أخري مثل الجامعة بفرانكفورت بألمانيا.

أما المدينة الجامعية لا سابينسا تقع في منطقة سان لورنزو بجوار المحطات الرئيسية للقطارات في روما، وافتتحت سنة 1935 وكان العمل الرئيس للمهندس المعماري مارشيلو بياتشنيني (Marcello Piacentini). المدينة الجامعية تستقل الجزء الأكبر للكليات لجامعة سابينسا وهي تحتل مساحة (439000) أربعمائة وتسعة وثلاثون ألف متر مربع.

لاسابينسا تجري عدة أبحاث علمية في شتي المجالات العلمية، وذلك بإضافة نتائج على أعلي المستويات المعروفة، سواءً كانت محلية أو عالمية. حاليًا، يوجد بها أكثر من مائة وخمسين برنامج دكتوراه، ومائة وأحد عشر قسمًا، وثلاثين مركزا متخصصة في البحث العلمي، ويوجد داخل الجامعة حوالي مائة إدارة، وثلاثون مبنىً، كلها لتقديم البحوث العلمية.

المدينة الجامعية، إضافة إلى الكليات المذكورة، مائة وثلاثون قسم ومعهد، ومائة وسبعة وعشرون مدرسة متخصصة، وواحد وعشرون متحفًا، وأكثر من مائة وخمسين مكتبة، ومباني للاستخدامات العامة داخل المدينة الجامعية ما يزيد علي مائة وثمانية وثلاثون داخل المدينة الجامعية والبقية موزعة منها مستشفى اوبرتو(Umberto) الذي يضم اختصاصات طبية متعددة بالقرب من مقر كلية الطب والجراحة. هذا، بالإضافة إلى العديد من المكاتب الفرعية في روما، لا سابينسا لديها مراكز فرعية في أمريكا اللاتينية.

قسمت لا سابينسا، في سياق إعادة التنظيم والإمداد إلى جامعات اتحادية. كل جامعة، التي تبقي جزءًا لا يتجزأ من هذه الجامعة الأم، تشمل الكليات ذات العلاقة والصلة ولديها أكثر من عميد خاص ومجلس إدارة، وبها أفراد مفوضون بمهام محددة كرئيس الجامعة ومجلس الشيوخ الأكاديمي للجامعة. رئيس الجامعة يبقي في منصبه لمدة أربع سنوات.

ينتمي إلي هذه الجامعة كما ذكرنا أنفا مائة وخمسة وأربعون ألف من الدارسين الشباب، منهم سبعة آلاف أجانب وألف طالب ارزموسErasmus. الدارسون في السابينسا كانوا دائمًا من أنصار الأحداث لتاريخ وتوحيد ايطاليا حتى أيامنا. جامعة السابينسا تنظم بانتظام نشاطات ثقافية وعلمية واجتماعية، السنة الأكاديمية الدراسية تفتتح باحتفالية رسمية، وقاعة الاستقبال بالجامعة تستضيف وتستقبل موسمًا من العروض الفنية الموسيقية الكلاسيكية، حيث تفتخر لا سابينسا بفرقتها للاوركسترا، والجوقة وفرقة جاز (Orchestra , coro, jazz)

في القرن الرابع عشر، كانت هناك العديد من المدارس في روما دون أن تكون هناك هيئة رسمية معروفة، وفي نفس الوقت خارج المحكمة البابوية. رغم تأسيس الجامعة من قبل البابا المذكور، فإنها بنيت على المساعدات من النبلاء الرومان، وكذلك من فرض الضرائب على النبيذ الأجنبي. وبعد انتقال البابوية إلى افينيون (Avignone)، سلمت إلي المجلس البلدي من خلال محافظة روما. خلال فترات عصر النهضة، طلب الباباوات من الحكومة زيادة في هيئة التدريس جدد، ولذلك تم إنشاء العديد من المباني والقاعات، وخلال السنوات 1600 أضيف مبني أخر من قبل إلكسندر المؤسس لمكتبة الإسكندرية، وهذا المبني شيد في القصر الجامعي. وبعد سنوات بسيطة، بنأ فرنانشسكو بوروميني(Francesco Boromini) كنيسة سان ايفو في سابينسا (Sant’ Ivo)، حيث كتبت علي الباب الرئيسي عبارة(Initium sapientiae timor Domini)؛ وسابينسا لم يصبح اسمًا رئيسًا للجامعة إلا من فترة ليس طويلة خلال الربع الأخير من القرن العشرين.

الأشكال التالية للجامعة مختلفة منها الإصلاحات التي قام بها (BenedettoIV) بنيدتو الرابع عشر بما في ذلك المذكرات 1798 للجمهورية الرومانية، ولكن أهم هذه المذكرات وأعمقها تلك المترجمة من الفرنسيين المقيمين في روما بعد الاحتلال؛ حيث أصبحت الجامعة قادرة علي مواكبة التشريعات الإمبراطورية الفرنسية، وانتقل التسجيل إلي قصر الكوليج الروماني(palazzo del Collegio Romano) بناء علي رغبة رئيس الجامعة جوفاني كونستنت( Giovanni Ferride Saint Constant 1811-1815).

وفي السابع والعشرين من أغسطس 1872، أصبحت الجامعة مؤطرة في التشريع الوطني، وأجرى كارلوتشي إصلاحات كبيرة في الحياة الجامعية. في المرتبة الأولي العمل على إنشاء معهد خاص بالفسيولوجية المرضية، حيث بدأت تنمية وتطوير التدريس في علم الوظائف للأعضاء التجريبية، الأنسجة والتشريح المرضي. بعدها، أنشأ معمل للصناعات الكيماوية والدوائية والتدريبات التي تقدمها بأكبر قدر ممكن من الخزائن العلمية الحالية، ولاسيما تلك للمعادن والجيولوجيا والمتحجرات. تلى ذلك، إضافة عدة كليات للقانون والاقتصاد وأيضا تدريس التاريخ الحديث. هذه الكليات لم تكن مدرجة في النظام السابق من قبل الحكومة.

جامعة لا سابينسا مرت بعدة أزمات تزامنت أثناء الحرب العالمية، وذلك من خلال اشتباكات بين التدخل والحياد. في بداية الفاشست، وبالتحديد في أكتوبر سنة 1931، تم فرض وشرط على كل الأكاديميين في الجامعة بأن يقسموا يمين الولاء إلي الديوس. رفض ثلاثة من هيئة التدريس؛ هم ارنستو وفي متخصص في تاريخ المسيحية، وجورجو فيدا دراسات شرقية، وجاتياو سىنكتيس تارخ القديم.

في سنة 1935 بعد استكمال أعمال الطوابق الإضافية من المهندس المعماري(Marcello Piacentini) افتتحت المدينة الجامعية من قبل الملك والملكة. وبعد الحرب العالمية الثانية، بدأت الجامعة بسرعة في مناشطها العلمية. في السابع والعشرين من ابريل سنة 1966، قام بعض النشاطين من الفاشستي بعدة حوادث عنف داخل كلية الآداب والفلسفة حول تجديد الهيئة المشكلة من الطلاب، وأصيب طالب عندما وقع من الجدار في الجانب الأيسر من أعلى الدرج لكلية الآداب، وتوفي في نفس اليوم. أحداث كثيرة مرت بها هذه الجامعة منذ نشأتها، وخلال السنوات المتتالية من قبل الحكام والمستعمرين الذين مروا بروما. فقد كانت أيضًا مسرحًا للقتال اثناء الاحتجاج من قبل الطلبة السياسيين، وكذلك واجهت أعمالًا دموية ماتت فيها طالبة تدعي (Marta Rrusso) في مايو سنة 1997، حيث قتلت بين ممر كلية الحقوق والعلوم السياسية وعلوم الإحصاء، مما سبب هزة في الرأي العام الايطالي.

وبعدد هذه الأحداث أصبح اسم جامعة روما ( سابينسا جامعة روما)Sapienza Università di Roma .

جامعة لا سابينسا جامعة حكومية تقوم معظم مبانيها في شرق وسط العاصمة الايطالية فهي متعددة الاختصاصات وأبرز كلياتها الآداب، العلوم، العلوم السياسية والإدارية، والدراسات الإنسانية، والحقوق، الهندسة والعمارة، وبها العديد من المحلقات كالمتاحف والمؤسسات ومراكز الأبحاث التخصصية، مثل: متحف علم النبات، متحف الفن الكلاسيكي، متحف ومختبر الفن الحديث، متحف الفن والرواسب المعدنية، متحف الاترورية القديمة، متحف الأصول، متحف التشريح المقارن، متحف الأمراض المشرحة، متحف الانثروبولوجيا، متحف الجيولوجيا، متحف الفيزبانية والكيماوية، متحف الرياضيات، الهدروكيتية، متحف المعادن المتحجرات، متحف علم الحيوان، متحف المعادن، متحف التاريخ الطبي، متحف الشرق الأدنى والمقسم إلي جزئيين: الشرق الأدنى ومصر ويحتوي علي عينات ومواد استجلبت من قبل  البعثات الأثرية الجامعية ووثقت من عدة مناطق مثل مصر والسودان وفلسطين ومناطق البحر المتوسط؛ ومتحف الحديقة النباتي.

جامعة روما لديها فروع وبعض الكليات التابعة للجامعة موزعة في بعض المواقع الإيطالية، وكذلك مركز في أمريكا اللاتينية في العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس، ومركز آخر في كينيا.

يوجد أيضًا بهذه المدينة الجامعية، جامعة العلوم والتكنولوجيا وتحتوي علي العلوم الرياضية والمادية والإحصاء وعلم النفس والفلسفة ومدرسة هندسة الطيران، وجامعة لكليات الصيدلة والطب والجراحة، وجامعة العلوم الإنسانية والفنون والبيئة وعلوم الاتصالات. هذه الجامعة تشارك أيضًا في المناشط الرياضية، وبها قسم لخدمات أصول الطاقة الذي يتناول توريد وتوزيع معدات الطاقة في جميع المحافل الأكاديمية بما في ذلك المدينة الجامعية. تم إجراء إصلاحات كبيرة في المدينة الجامعية بإنشاء معهد الفزيولوجيا المرضية وخلق وظائف في الأعضاء التجريبية والأنسجة والتشريح، وهناك معمل الصناعات الكيماوية والدوائية والتدريبات تقدم بأكبر قدر ممكن من الخزائن العلمية المالية.

هذه الجامعة تضم عدد كبير من الباحثين العرب بمختلف جنسياتهم في مجال الآثار وتطوير التقنيات.

المصادر:

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.