صعب رثاؤك

0 211

علي وهبي – لبنان

الفجرُ يمهِّدُ الأفقَ لتدخلَ الشّمسُ بيتَ القصيد
ينسابُ ضوءًا، يطهّرُ ماءَ السحابِ
الفجرُ يلتفُّ بمعطفِ الليلِ
يضعُ يديه على عينيهِ لا يريد أن يقرعَ جرسَ الحياة
نم يا أيّها النهار، يا أيّها الديك لا تصِح
يا أيّها المؤذّنُ اِرفعِ الصوتَ
حيَّ على الشِّعرِ
حيَّ على …
حيَّ…
حيَّ على الحزنِ
مِن الجنوبِ أتى
من منبتِ الريحانِ
أرضُهُ مطرّزةٌ بالزعتر، القندول، الطيّون، القصعين، وسنابل القمح
نهرُ شِعرٍ
نهرُ نصرٍ
ونهرُ ماء

معلّمُ العربية في تلك المدرسةِ
كان يسرقُ قصائدَكَ
ويوقّعُها باسمِه
وكانتْ كما علّمتَها
تأبى

وصار القارئ يعرفُكَ
كما يعرفُ المعجمُ المفردات

سمعتُكَ في الجامعة الامريكية، يومها كنتَ مريضًا بليلى وقتيلها
“وليس أجملَ من أن يُقْتَلَ الرجُلُ”
وكنتُ أهابُكَ.

يمينُكَ ما استراحتْ من الكتابةِ
يسارُكَ ما استراحتْ من الكُتبِ

النعشُ على الزبدِ
و”النازلون على الريحِ”
أنتَ أمامهم
تشيرُ إلى تلك الشجرةِ الشاهدة على عدمِ عبورهم
وتمضي مِن الشِّعرِ إلى الريحانِ

يا سيدي صعبٌ رثاؤكَ
دعني حفيفَ ورقتين في ديوانكَ الآتي

يا سيدي صوتُكَ
صوتُ المحراث، المنجلِ ودبيب النملِ
صوتُ الحكمة، البحرِ، ونسيم الوردِ

مِن أين آتي بشِعرٍ بنثرٍ بكلمتين عنكَ؟
وكلُّ ما يُكتب ماضٍ إليكَ
يسعى كي يكونَ وردًا وبعضَ رخامِ قبركَ

سيدي محمّد علي شمس الدِّين
“نلتقي إذا جاء المساء”

وما زلتُ أهابُكَ.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.