ضجيج المسافة

0 200

فاضل الجابر – السعودية

 

موشك أن أضيع الجهات واستأنس الفقد

تشطح بي الذكريات

أسمي الطريقَ بما ليس اسمًا لها، وأسير على غير ذات اليقين

موشك أن أنادى فتخبرني الدرب أن المكاره حولي تحيق

خُذيني فما عاد لي منفذ غير هذا المؤدي إلى اللامكان

أغذ الخطى فتحيد الطريق

فارغ منك..

فارغ مني..

أعيذك بـي موئلًا للحكايـة، بـي مـن وساوسَ تجتـاح صـدركِ حين تماهى لمسبحة الشك ما لا يليق، وبـي مـن جحيم العيـون

عالقان على جانح من أثير يحرضه عطبٌ في المُخلخِل موجَ الهواء، تذبذبنا في انفعالاته برهة بقياس الرنين

عالقان كفعل المشيئة ما بين إبرامها ونواقض إرسائها للمقدّر

يجتازنا الوقت، سربُ الفراش، العصافيرُ،

يجتازنا اللونُ

تبقى تفاصيلنا طيّعات لحجم الإطار وشكل بأسواره كالسجين

كبرنا وما كبر الطفل فينا، بقينا على جانب العمر نسترق الفرح، نفضي بأنفاسنا والخطى السادرات هواجس خلف المضيّع منا، ونحن على جانبٍ منه أو فجوةٍ فيه، نحتال في رسم أنفسنا، والمسيرةُ لا تنتهي، وجدارُ المسافة إذ كاد ينقضّ بين المحيّر من أمرنا والقرار المكين

ها أنذا أستحيل لفزاعة، ولكومة عصف

مدًى فارغٌ منكِ

مذ كان حتما عليك التلاشي بفعل السنين

مذ كان حتما تلاشيك خلف قناع المزيف؛ قيراطَ ماس، أساورَ من لؤلؤ، واحتفالٍ يدور برسغيك أو كرنفالِ الخلاخيل بالرقص في مهرجان اللجين؛ إيـه يـا ساعد الله قلبي المدله، فيك الهبـوبُ الـذي حاكه الفاتن العطر، يجتاحه البرد من كل ناحية تنتمي لخيالك. يقضم أطرافَه البردُ، بامتداد هبوبك يا موسم الياسمين

جئت من آخر النهب مزقًا لأحصي الذي لم يؤرخه الفقدُ عمرًا؛ هنالك موت دعيه يجر توابيتَهُ مائلًا عن ضجيج المسافة. يا موتُ أمسك جيادَك ألا تثير غبارَ الحداد

دعيه ليرسي علينا الرفيف المجنّح للحزن

دعيه ليرخي بأسماله دون بأس علينا، فلا المرتجى عاد من بؤرة الفقد، لا، الغيبُ سال بغير السواد

هنالك كنتُ معي لم يكن غيرُ نفسي وبعضُ وجودك في جسدي، لكن الآن كل نقاطك سالت وجفت خلاياي يبس البعد وامتثل الطينُ شكلَ الرماد هنالك كنت

جئت من آخر النهب مزقا، تراودني الريح عن نفسها

هنالك كنت أسابق وقع الفؤاد، فأركس في عثراتِ الشجون

مالي الخلاصُ إلى مستقر تمادت به كالحات الخواطر

واحتدمت في ازدحام المشاعر،

ملء روحي كونُ حجيجٍ يشيعون بالرجم أقصى أنيني

كادح، يسحن الوقتُ لونَ أديمي، أي درب سأفني الخطى في ثراها؟

أي خيـط تـراني سأمسك أطرافه؟ غبشةٌ إذ تفيض على الجبهات، فـأي الدروب تتبعث في سبر وعثاء هذا الجحيم؟!

كـل يـوم كـجـرنٍ تـدور رحاهُ على حنطة العقل تكبس أفكاره غلةً من طحين الجنون

متخم بالهواجس أتبع وهم الأماني

كلما أسرج العقل أخيلة الفكر فرّت إلى حيز الظل

واختلفت في رؤاي المعاني

يا لوهمك يفتأ يرزح بـي في قـرار غـويّ ولا ينـزوي في نشيج المواويل حتى يعيدَ نشيجَ الشجون، ويملأ روحي بفيض الجنينِ

كـل يـوم رجيعٌ من الخلل المقتفي لمسيري

كل يوم فـواتٌ وكنت الذي أتخبّط في نسجه أتوجس نبضَ الخطى في أتون المصير

برزخٌ يكبح الروحَ، والـروحُ تـذوي، وما من سبيل لعـدّ خطاي وتعديلها في المسار، وما من سبيل لوقف السنين

موجفٌ والأهلة سيلٌ يغيض مكاني

تالياتٍ على أهبة النجم سفْرَ المهالك والعمر فانِ

أي معنى هو العمر إن صار فوتًا؟! وكيف يدوّنه ترجماني؟

مدركٌ للمكيدة بعد انهيار المواقيت، إني سأجمع من تالف الوقت حتى أشيد بروج الثواني، مرغمًا صخبَ الفقد ألا يثوب إلى الروح منتهِكًا للمسافة والذي فاض بي صخبٌ

كيف بي إن أرقت الضجيج، وعبأت نفسي بماء السكونِ؟

امنحي النفسَ هدأتَها حيث كنتُ فكوني

ليس في العمر عمر فلمّي المبعثر مني قبيل المنونِ.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.