ثلاثة نصوص لسابرينا اوراه مارك

0 720

سابرينا أوراه مارك- امريكا

ترجمة: إيمان أسعد – الكويت*

1-الأغنية

اللبن أعكر كأنما أصابته الثعلبة. السماء رمداء كأنما أصابتها الثعلبة، وكم من المذهل رؤية الإعجاز في تعلّق المنقار الأسود، رغم أنه هو الآخر، أبقعٌ كأنما أصابته الثعلبة. كما الغابات، كما ثعلبٍ أصابته الثعلبة. كل واحدٍ منا أبقعٌ كأنما أصابته الثعلبة. حتى ماما، حتى ماما بقعاء كأنما أصابتها الثعلبة.

حين وقعت ماما في هوى عالم الطيور راحت تتسلل ليلًا من البيت وتعود مع جيوبٍ ملأى بخس الماء، بالريش، بغصينات عش. بدأت ترشد في استهلاك الكهرباء. بدأت تحب مجموعةً معينة من الناس. عالم الطيور، وفقًا للصحيفة، رجلٌ صاحب لحية وذو لسانٍ خبيث. عالم الطيور، وفقًا لماما، عرف تمامًا كنه شعورها بين يديه. ”مثل مشمشةٍ بقعاء أصابتها الثعلبة!“ كانت ستقول، وكانت ستمسك بي من خصري فتؤرجحني، ترفع بي عاليًا نحو الضياء. كانت ستلثم عنقي. وتضعني أرضًا. المرة تلو المرة تلو المرة. لساعاتٍ وساعات. أجل، أقر، أعترف، الغيرة هي التي دفعت بي إلى التجسس على ماما تلك الليلة. فأنا الأخرى أردت أن أشعر وكأني مشمشةٌ بقعاء أصابتها الثعلبة. أنا أيضًا أردت الإعجاب بأناسٍ معينين. كان شهر فبراير. كنت أرتدي بلوزةً زرقاء ذات جيبين كبيرين أحمرين. ورغم أنَّ أمي خسرتني أمًّا، فما زال يشق عليَّ قول ما سأقول. رأيت ماما. رأيت عالم الطيور. لحقت بهما نحو الشرفة الخضراء حيث قطع لها شريحة خبزٍ بمقص. وعلى لسانه الخبيث سمعت. كانت لديه خطة. سيتخلص من كل الطيور، قال لها. كل الطيور البقعاء كأنما أصابتها الثعلبة. أطلق على خطته أغنية سقط المتاع، وبعذوبةٍ غناها.

2- في حقول الأوريغامي

حيث أطوي وأفرد ذراعي اليسرى إلى نوفمبر، شعري إلى شقيقتي

حيث المرأة ذات القفازين الأسودين تعزف على قلبي مثلما تعزف على كمانٍ مسحوق

حيث أقف متجعدة أتحرق لهفةً إلى الورق، حيث لا عشاق أموات لديّ أكثر مما لديك، حيث الفتيات الجميلات يسألن دومًا عن الاتجاه، حيث أبقي نفسي واقعية، أغازل المتكلم من بطنه،

حيث أبي يمسك بي كما لو أني دميةٌ ورقية، حيث للأبواب أن تتمزع

في طرفة عين، حيث لا أحد منا معجزة،

شيءٌ واحدٌ وحسب أفهمه

ولا شيء آخر سواه

لهي حياةٌ وحيدة تلك التي تقضيها في مكانٍ سريع الاشتعال.

3- الصندوق الثالث، اللفة الخامسة

أملك أكورديوناً صغيرًا. أغلفه في ورقٍ بنيّ. الليلة أحمله خارجًا إلى الشرفة الأمامية وأشتاق إليك، كلمةً كلمة. معزوفة التوق، تغمغمها شفتاي على مهل في عتمة الليل الأزرق. من خلفي أسمعني أجرجر قدميَّ أقرب وأقرب: كوني أنتِ ثانيةً. كوني. أنتِ. ثانيةً. أحاول أقصى جهدي أن أصلي مع كل تلك الأيدي تشد على ظهري. أفتقد حافظ هذا الأكورديون. أفتقد ساحات الكرنفال. لكن أكثر ما أفتقده عزفك على الأكورديون في كشك الخمس سنتات. وأنا في ردائي السلكي. وأنت في ردائك السلكي. الليلة أنزع الغلاف الورقي عن الأكورديون وشعراتٌ بيضٌ ستتناثر منه. الليلة حتى أنت ستعجز عن الحلول محلك. أسلخ وحمتك عن وجنتي وأقذف بها إلى غربان الفناء. فأن شعورك بمناقيرها تترك ندوبها عليك سيعوضني عن كل شيء.

*إيمان أسعد


روائية ومترجمة أردنية مقيمة في الكويت


روائية ومترجمة أردنية مقيمة في الكويت
. حاصلة على شهادة الماجستير في الدراسات الأميركية من الجامعة الأردنية (٢٠٠٥)، وعلى شهادة البكالوريوس في تخصصيّ علم الحاسب الآلي والأدب الانجليزي من جامعة الكويت (٢٠٠٣). صدر لي روايةزينب والخيط الذهبيعام ٢٠١٥. الترجمات الأدبية الصادرة لي تتضمن: روايةالطلب الأخيرللروائي غراهام سويفت (٢٠١٨) ”السفاح الأعمىللروائية مارغريت آتوود (٢٠١٩)، المرأة في الطابق العلويللروائية كلير مسعود قشرة الجوزةللروائي إيان مكّيوان (٢٠٢٠)، وإلى المنارةللروائية فرجينيا وولف (٢٠٢٠).

الدكتورة سابرينا اوراه مارك
  • نشأت في بروكلين ، نيويورك.
  • حصلت على بكالوريوس من كلية بارنارد وماجستير في الفنون الجميلة من أيوا ، ودكتوراه من جامعة جورجيا.
  • وهي مؤلفة لعدة مجموعات شعرية وقصصية وحصدت على عدة جوائز مقدرة.
  • اختيرت قصائدها ضمن افضل قصائد الشعر الأمريكي 2007
  • حاضرت في عدة جامعات منها جامعة جورجيا ، جامعة روتجرز ، جامعة آيوا.
  • تعيش مارك حاليا في أثينا وتكتب عمودًا شهريًا عن القصص الخيالية والأمومة بعنوان “بسعادة”
قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.