الفن التشكيلي تاريخ وخيال ومتعة

ورشة فن - تشكيل

0 3٬247

سعاد خليل- ليبيا

“الفنون والآداب هي الانبثاق الأخلاقي للحضارة، هي الإشعاع الروحي للشعوب” [جوزي كردوشي]

الفن التشكيلي استطاع أن يؤكد أهميته وعلاقته بالتاريخ وبالموروث الإنساني القديم، من خيال الفنان الرسام الذي اهتم وقدم الأعمال الفنية التي تحدثت عن حقبات وأزمنه متفاوتة عبر لوحات تشكيلية بالتعمق فيها يستطيع المرء قراءتها من خلال تصور بصري مدهش يعتمد على توزيع ونقش اللوحة بحرفية جمالية.

كما نعرف أن (الفن التشكيلي) من الفنون التي تتكون من الخضابات والأصباغ الحائرة، وهي الممثل الصمغي (الغرائي) الذي يدعم الورقة-اللوحة الزيتية، السيراميك، الخشب، أو الحائط. إن التطور المعرفي والتطبيق الفعلي يتكون في نثر ورش اللون على المظهر الخارجي، إلى جانب التشكيل. هناك ألوان وعلامات لها دلالات، وذلك حسب التأثر بالواقع المنظور، في تغيير أحد المظاهر الخارجية لأشياء ما وراء الطبيعة، أو تعبيرات تجريدية أكثر أو أقل ترابطاً للعنصر التصويري، أي المرسوم، فوجود اللوحة مرتبط بقدرتنا علي قراءتها ولا بد أن نعي أن هذه القراءة لا تعني قراءة الواقع فالصورة المرسومة حسب (ايكو) لا تمتلك خصائص الموضوع الذي تمثله بل تقوم بإنتاج بعض شروط الادراك المشترك بين العلامة وموضوعها. العين لا تستطيع أن تأخذ شكلا حقيقيا للأشياء بالنظرة المجردة البسيطة، ولكن مع البديهة والحس المجتهد يمكننا الرؤية والتخيل.

لو بحثنا في التاريخ القديم للفن التشكيل، سنجده يعود الى الرسوم القديمة التي كانت مكتشفة في جروتا شوفيت Grotta Chauvet   بفرنسا، ولتي نفذت منذ حوالي اثنين وثلاثين ألف سنة، وكانت تنفذ بالمغرة الحمراء (وهي أكسيد الحديد المائي الطبيعي) والخضاب الأسود (وهي مادة ملونة من أنسجة الحيوانات والنباتات) وكانت تتشكل على شكل خيول، وحيد القرن (خرتيت) أسود، جاموس، وهناك نماذج وأشكال لرسوم صخرية في كل العالم.

تبين الأساطير الإغريقية أن ميلاد الرسم كان في مدينة دلفي. هناك تقنيات مختلفة للفنون التشكيلية والرسم، تنتج اختلافات في الرسم، سواء أكانت عن طريق الأشياء المستعملة للرسم، من العدد والآلات أو من المظاهر الخارجية الأولى التي اكتشفها الإنسان وشكل منها أنواعاً من الفنون التشكيلية والهندسية، وجدت على جدران الكهوف أو البيوت في المعابد.

في القرون الوسطي كانوا يدعمون ويساندون الفنانين بالمعدات الخشبية، وبعد مرور الوقت أصبح النسيج في اللوحات الزيتية، حيث يتجنبون مشكلة الوزن وعدم الثبات المناسب للريشة الخشبية. كانت هناك أشياء أخرى مساعدة للرسم مثل الرسم على الورق، والرسم على المعدن، والرسم على الزجاج، والرسم على القماش، والرسم على الجدران، وأي مظهر خارجي من أجل التثبيت عن طريق اللون.

تتعدد أنواع الرسم من وجهات نظر علمية مختلفة، فهناك الرسم التشكيلي، والرسم التجريدي، والرسم التخطيطي، والرسم التنقيطي، والرسم الزخرفي، وعلى الجدران نجد الرسم بالألوان المائية، والرسم المنقوش، والرسم التصويري والجداري، وأيضا الرسم على المناضد بطريقة التزويق بالألوان الزيتية والألوان الضوئية. وعلى الورق هناك الرسم بالألوان المائية والندى على النسيج، وعلى اللوحات الزيتية، وهناك الرسم بالزيت على السيراميك، وهناك رسومات بزخرفة الخزفيات مع الأكسيد والأصهار والسبك، وهناك فنون تشكيلية أخر منها: فن الرسم الدقيق على المعدن أو العاج، ماء الفضة بأسلوب وطريقة الطباعة، وعامة كل التقنيات في فن النقش والتصوير لإنتاج الأعمال الفنية الفريدة، مثل الرسم أو التصفيف.

الأدوات التي تستخدم في الرسم متعددة؛ إذ يمكن الرسم بالجواش، وبألوان الماء، والرسم بالرصاص، والسائد الرسم بالفحم والرسم بالألوان الزيتية. تتعد أنواع الرسم بالرصاص حتى تصل إلى اثني عشر نوعا منها h1 h2 h3 h4 h5 b1 b2 b3 b4 b5. هذه الرموز تشير إلى نوع القلم، فحرف h يعني الصلابة خط رمادي، وحرف b يعني الليونة أسود، وذلك في تنفيذ الأعمال التشكيلية، إضافة إلى التتابع في الدرجات اللونية للمظهر الخارجي أو الشكل الخارجي، وللألوان التي يمكن أن تعرف لتكون صافية الاختضاب والأكثر طبيعية موحدة. وهناك معاجين من الراتسيج (وهي مادة صبغية من معظم الأشجار تسيل عند قطفها) وزيوت مستحلبات، بالإضافة إلى إمكانية استعمال آلات متعددة: كريشات، مباسط (أدوات تستعمل في بسط ومزج المواد، مادة لرش الطلاء (سبراي)، غرزات وآلات عدة لم تخلق للاستعمال الفني، ولكنها كأنت تتلازم مع خبرة ومهارة أو خيال الفنان التشكيلي.

من أهم مبادئ الرسم الصحيح أن يبدأ الرسم بالهيكل الخارجي للشكل المراد رسمه، مع الانتباه إلى المسافات بين الأشكال، إذا كان الرسم يحتوي أكثر من شكل. وكلما كان الشكل أقرب، زاد حجمه، وغمق لونه وبالعكس. مع الانتباه لعاملي الظل والضوء، وأيضاً لكيفية مزج الألوان بالشكل الصحيح. ألوان الرسم الرئيسة عادة ما تكون: اللون الأحمر، اللون الأخضر، واللون الأزرق. ويمكن مزج هذه الألوان بعضها ببعض للحصول على ألوان ثانوية، مثل مزج الأحمر والأصفر، فنحصل على اللون البرتقالي، ومزج الأزرق بالأصفر، لنحصل على اللون الأخضر، والأزرق بالأحمر، فنحصل على اللون البنفسجي. أن تعديل ما يدخل للألوان يعتبر تصويراً، وليس رسماً، لأن الرسم كان قديما عبارة عن التحضيرات (الاستكشافات) للوحة، قبل تلوينها. وبعد التلوين تعتبر تصويراً، وليس رسماً.

هناك أشكال أخرى خاصة بالفنون التشكيلية (الرسم)، مثل التطريز والزركشة والفسيفساء والسجف. وتتعدد مدارس الرسم الفنية بتعدد أساليب الرسامين، فكل منهم يميل إلى أحد هذه الأساليب من المدارس الفنية مثل: المدرسة الكلاسيكية، المدرسة الانطباعية، المدرسة الرمزية، المدرسة السريالية، المدرسة الرومانسية، المدرسة التجريدية، المدرسة التكعيبية، المدرسة المشتركة، المدرسة الواقعية، المدرسة البناء، المدرسة الفوقية، المدرسة الملتصقة، المدرسة الجوالة، المدرسة التاريخية، الفن التشكيلي الباروكي، المدرسة المعاصرة، الفن التشكيلي ذو العلاقة بالمفاهيم، الفنون الحديثة، الفنون المزخرفة، الفن البسيط، الفنون الجديدة، الفنون الفقيرة، المدرسة كرافيزمو، كرولينجوCorolingio   الأفعى، المدرسة القوتية، المدرسة التشكيلية، البكيابولي (وتعني التلطيخ الملون أو البقع الفنية، وهي حركة فنية ظهرت في القرن التاسع عشر بفلورنسا) مينيماليزموManierismo ، وهي حركة فنية انتشرت في القرن الخامس عشر، تنحو إلى التقليد الأكاديمي لأسلوب رافائيل ومايكل أنجلو، مدرسة الغيبيات (ما وراء الطبيعة)، الكلاسيكية الجديدة، السريالية الجديدة، الموضوعية الجديدة، الارفنيزمو (التكعيبي) المنسوب إلى الإله أرفيوس، المدرسة الواقعية الوجودية، الركوكوRococo، الرومانتيكية واتجاهاتها، تقسيم الفضاءات (سوبرماتزم Suprematismo  .

ولكل مدرسة من هذه المدارس خصائص تميزها عن غيرها، سواء من الناحية العملية أو من خلال الموضوعات المطروحة. وقد اكتشف الرسم بالزيت حوالي منتصف القرن الخامس عشر، وذلك في أقاليم فياندر Fiandre. وتدريجياً تتبدل التقنية التشكيلية المرسومة المسيطرة في تلك الفترة. طريقة الرسم والتزويق على منضدة أو على نسيج، كانت بداياتها في أثنيا القديمة، حيث يوجد شيء مشابه للزيت، كل هذه الابتكارات التاريخية كانت تنسب إلى جانيد وهوبرت وفان أيك Janed Hubert van Eyck، وهؤلاء رسامون وإخوة.

إن الأعمال الفنية حقيقة للفنانين الفلامينجي (وهم نسبة إلى لغة وفن البلدان المنخفضة) يعود تاريخ هذه الرسومات للعصر الأول لجان ثيك، حيث تبعتها اكتشافات أخرى مثل المنضدة المصور (اللص الطيب المصلوب) المنسوبة إلي الرسام ماسترو دي فليماليMaestro di Flemalle ، ويعود تاريخها إلي سنة 1410 تقريباً.

أهم المدارس من حيث المعني والتشكيل.

المدرسة الكلاسيكية: اشتهرت المدرسة الكلاسيكية للرسم بأنها تعود إلى القوانيين اليونانية الصارمة التي تلزم بها كل الفنانين، حيث القيم الذهبية التي نادى بها أفلاطون، وهي تشمل التناسق والتوازن والاعتدال والبعد عن التعبير عن العواطف الجامحة العنيفة، فهي تفترض المثل الأعلى للجمال والحب والفن، الذي يجب على الفنان أن يتبعه. ظهرت هذه المدرسة في أوروبا في منتصف القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، في نفس الفترة التي ظهرت فيها المدرسة الكلاسيكية في الآدا.

Winterhalter Franz- the empress eugenie surrounded by her ladies in waiting
Winterhalter Franz- the empress eugenie surrounded by her ladies in waiting

المدرسة الرمزية: فهي بشكل ومضمون العمل الفني “لغة رمزية” تنقل إلينا شكلاً مباشراً، وتحمل تعبيراً حياً، وتحيطنا علماً بحقيقة ذاتية وجدانية، وبذلك تكمن وظيفة الرمزية في التعرف على المعاني العميقة لتلك الحياة الباطنة، والكشف عن ما وراء الظواهر الطبيعية، كما أنها تعبر عن ديناميكية كامنة بالأشياء، مؤلفة بين الشكل والمحتوى في تكامل جمالي. ومن هنا فإن الرمزية هي اكتشاف لشكل موضوعي محدد، يمثل مجالاً غامضاً فسيحاً من الذاتية، بإظهار غير مرئي أو معني، عن طريق ما هو مرئي، فالرمزية عند برهمون تمثل صورة مماثلة عن طريق الحدس. أما عند هيجل فهي تمثل تعبيراً خارجياً مباشراً يخاطب حدسنا بصورة مباشرة. وبذلك تكون الرمزية تعبيراً عن نظام الكون وانسجامه، كما أنها المنهج الذي يعالج الموضوعات عن طريق صيغ شكلية جمالية لأشكال رمزية، في تخطٍّ لواقع الأشياء ومظهرها الخارجي، للوصول إلى جوهر الواقع الذي يمكن إدراكه عن طريق الوجدان، وبواسطة الحواس التي تزيد معلوماتنا عن العالم المحيط بنا. وللشكل في الرمزية عدة معايير ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمحتوي، فيظهر الشكل والمحتوى في وحدة واحدة، كل منهما يؤكد الآخر، حيث نرى هذه الوحدة في بعض الرموز عند المسيحيين، كالصليب والسمك والحمامة وعناقيد العنب، فالصليب عند المسيحية من أهم الرموز الاجتماعية التي يعبر عنها الفنان في أعماله، كما نرى الوحدة عند الهندوس في المندالة (التصوف الهندوسي يتمثل في المندالة رمز الكون).

المدرسة الرومانسية: الرومانسية في الرسم تعتبر ردة فعل ضد المدرسة الكلاسيكية، التي كانت تقيد الفنان، وتحول دون الخيال والتعبير عن الانفعالات النفسية. هذه المدرسة ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وفسرت إلى حد بعيد ذلك التطور الحضاري في ذلك الوقت الذي بدأ مع تقدم العلم وتوسع المعرفة. وتعتمد المدرسة الرومانسية على الخيال والعاطفة والإلهام، أكثر من اعتمادها على المنطق، حيث تميل هذه المدرسة إلى العواطف والأحاسيس والتصرفات التلقائية الحرة، كما يختار الفنان الرومانسي موضوعات غير مألوفة في الفن، تبدو غريبة، مثل المناظر الشرقية، واشتهرت هذه المدرسة بالمناظر الطبيعية المؤثرة المليئة بالأحاسيس والعواطف، ما اكتشف قدرة جديدة لحركات الفرشاة المندمجة في الألوان النابضة بالحياة، وإثارة العواطف والمبالغة في تصوير المشاهد الدرامية. وفنان الرومانسية يعتقد أن الجمال والحقيقة في العقل، وليس في العين، ومن أهم الفنانين التشكيلين في الرومانس

أوجين ديلاكروا - فرنسا
أوجين ديلاكروا – فرنسا

ية “يوجيه دي لاكروا”، الذي صور العديد من اللوحات الفنية أهمها: لوحة الحرية، حيث عبر في هذه اللوحة عن الثورة العارمة التي ملأت نفوس الشعب الكادح، وصور فيها فرنسا على شكل امرأة ترفع علماً، وتقود الشعب الفرنسي في حالة اندفاع، وبيدها اليسرى بندقية، وعلى يسارها طفل يحمل مسدسين، وأيضاً لوحة (خيول خارجة). أما جريكو فقد صور الكثير من الموضوعات الفنية، من بينها لوحته التي اشتهر بها (الميدوزا)، وهي حادثة لسفينة في البحر، تحطمت، ولم يبق منها سوى العوارض الخشبية. وصور في هذه اللوحة صراع الإنسان مع الطبيعة. الرومانسية سعت وراء عوالم بعيدة من الماضي، ووجهت أضواءها على ظلام القرون الوسطي.

المدرسة الانطباعية: وجدت في القرن التاسع عشر، واسمها استمد من الاسم الذي أطلقه الفنان الرسام الفرنسي كلود مونيه على لوحته انطباع الشمس (1872) فقد اشتق اسم هذه المدرسة الجديدة من اسم لوحته. هذا الأسلوب في الرسم يعتمد على نقل الصورة أو الحدث كما تراها العين المجردة، وسميت بهذا الاسم لأنها تنقل الصورة المنطبعة على العين البشرية إلى عمل فني.

المدرسة التجريدية: وتعني تجريد كل ما هو محيط بنا من واقعية، وإعادة صياغته برؤية فنية جديدة يتجلى معها حس الفنان باللون والحركة والخيال. وكل الرسامين الذين عالمهم الرمزية والانطباعية نراهم غالباً ينتهون بأعمال تجريدية. والمدرسة التجريدية متقدمة كثيراً في الوقت الحالي. يقول بول غوغان: الفن تجريد، استخلص من الطبيعة بالتأمل أمامها وإمعان التفكير جيدا بالخلق الناجم من ذلك. ومن أهم الفنانين التجريديين: خوانق ميرو، كانداسكي، بيت موندريان.

المدرسة السريالية: هي آلية تلقائية نفسية خالصة، من خلالها يمكن التعبير عن واقع الفكر شفوياً أو كتابياً أو بأي طريقة أخرى، فالأمر يتعلق بقواعد بعيدة كل البعد عن التحكم الخارجي، ومراقبة تمارس من العقل وخارجة عن نطاق أي انتقال جمالي. وقد اعتمد السرياليون في رسومهم على الأشياء الواقعية، كرموز للتعبير عن أحلامهم للارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي. وقد لاقت السريالية رواجاً كبيراً في عامي 1924-1929. ومن أهم فناني السريالية الفنان الاسباني سلفادور دالي، الذي ولد في 11/5/1904 واشتهر بلوحاته: تداعي الذاكرة، الخلوة، الأشياء، البناء.

نشأت المدرسة السريالية في فرنسا، وازدهرت في العقد الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز علي الغريب والمتناقض واللاشعوري، فالسريالية تهدف إلى أبعد من الحقيقة، وإطلاق الأفكار المكبوتة والخيال وسيطرة الأحلام، كما اعتمد الفنانون السرياليون على نظرات فرويد، وخاصة ما يتعلق بتفسير الأحلام.

النقاد يصفون اللوحات السريالية بالتلقائية الفنية التي تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية، فالسريالية تخلصت من مبادئ الرسم التقليدية في تركيباتها الغريبة لأشكال بعيدة عن بعضها، لخلق إحساس بعدم الواقعية، فهي تعتمد على اللاشعور، حيث تعتمد على المضمون، فتبدو لوحاتها غامضة ومعقدة لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها. لها مضامينها الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة الجمهور المتذوق، فالانفعالات التي تعتمد على السريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، حيث المظهر الخارجي الذي شغل السرياليين لا يمثل إلا الحقيقة، لأنه يخفي الحالة النفسية الداخلية. الفنان السريالي يكاد يكون نصف نائم، ويده ممسكة بالفرشاة، ليصور أحاسيسه الحقيقية وخواطره المتتابعة، لتكون اللوحة أكثر صدقاً.

المدرسة التكعيبية: هي فن ظهر في فرنسا في بداية القرن العشرين، وهي تتخذ الأشكال الهندسية للعمل الفني، حيث قامت هذه المدرسة على نظرية التبلور التعديدية التي تعتبر الهندسة أصولا لها، فالخط الهندسي أساس لكل شكل. يستخدم الفنان الخط المستقيم والخط المنحني، فتكون الأشكال أسطوانية أو كروية. كذلك المربع والأشكال الهندسية المسطحة في المساحات. وتنوعت المساحات الهندسية حسب الموضوع، لتنوع الخطوط والأشكال والاتجاهات. وقد ركزت التكعيبية على فكرة النظر إلى الأشياء من خلال الأجسام الهندسية، وخاصة المكعب. إن فكرة الحقيقة التي تأخذ مجالها وأبعادها تكون متلاحقة. الوجوه كالملعب تماماً، فالتوصل إلى الهدف لا يتحقق إلا عن طريق تحطيم الشكل الخارجي. أن هدف التكعيبية ليس التركيز على الأشياء بل على أشكالها المستقبلية التي حددت بخطوط هندسية. ويعتقد التكعيبيون أنهم جعلوا من الأشياء المرئية ومن الواقع شكلاً فنياً. ويعتبر الرسام الإسباني بابلو بيكاسو أهم منظري وفناني التكعيبية. بدأت هذه الحركة الفنية بين عامي 1907-1909، على يد الفنان (سيزان). أما مرحلتها الثانية فكأنت بين سنتي 1910-1912 وهي التكعيبية التحليلية، التي تعني تحليل الأشكال في الطبيعة، وإعادة بنائها بطريقة جديدة. المرحلة التالية للتكعيبية كانت بين سنتي 1913-1914، وتركزت على رسم موضوع مترابط واضح المعالم من خلال الرسم التكعيبي.

المدرسة البنائية: هي حركة فنية ومعمارية نشأت في روسيا سنة 1919، ونشطت بعد ثورة أكتوبر الروسية، واعتمدت على إبعاد الفن عن نقائه وبعده عن المجتمع، وجعله عوضاً عن هذا، وخصوصاً في بناء نظام اشتراكي، حيث أثرت في العديد من ميادين الحياة مثل الفنون الجميلة والهندسة المعمارية والسينما والإعلان.

 المدرسة الواقعية: جاءت هذه المدرسة رداً على المدرسة الرومانسية، فقد اعتقد أصحاب هذه المدرسة بضرورة معالجة الواقع، برسم أشكال الواقع كما هي، وتسليط الأضواء على جوانب مهمة يريد الفنان إيصالها إلى الجمهور بأسلوب يسجل الواقع بوضوح، دون غرابة أو نفور.

ركزت هذه المدرسة على الاتجاه الموضوعي، وجعلت المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات، فصور الرسام الحياة اليومية بصدق، دون أن يدخل ذاته في الموضوع، بل يتجرد عن الموضوع في نقله، كما ينبغي أن يعالج مشاكل المجتمع، من خلال حياته اليومية، ويبشر بالحلول. تختلف الواقعية عن الرومانسية من حيث ذاتية الرسام، حيث ترى الواقعية أن ذاتية الفنان يجب ألا تطغى على الموضوع، على عكس الرومانسية التي تعد العمل الفني إحساس الفنان الذاتي وطريقته في نقل مشاعره إلى الآخرين. إن المدرسة الواقعية هي مدرسة الشعب، أي عامة الناس بكل مستوياتهم، يعالج مشكلاتهم، ويبصر بالحلول، ويجعل من أعماله الفنية على الإجمال وسيلة اتصال بالجماهير. ويعتبر الفنان الفرنسي كورييه من أهم أعلام المدرسة الواقعية، فقد صور العديد من اللوحات التي تعكس الواقع الاجتماعي في عصره، حيث الواقعية هي الطريق الوحيد لخلاص أمته. وكان الرسام كورييه من الطبقة الغنية، ثم سار بعدها على النهج الباروكي في الفن، وهو فن اهتم بتصوير حياة الطبقات الغنية، وبعدها اتبع نهج الرومانسيين، ثم ترك الحركة الرومانسية والتجأ إلى الخيال والذاتية. وقد صور كورييه العديد من الأعمال، من أشهرها لوحة (المرسم ولوحة الجناز)، وهي من أشهر أعماله، فهذه الصورة تعكس واقعية صادقة للمشهد المصور.

ومن المشاهير في الواقعية الفنأن الايطالي كرافادجو، الذي ظهر في القرن السادس عشر، ومن أشهر لوحاته (العشاء). أن الفن التشكيلي “الرسم” هو طابق مسطح مغطى بالألوان، بمظاهر خارجية أو لوحات أو جدران أو لوحات زيتية بخطوط وملامح مختلفة، تكون برسومات لها فعالية لخطوط ملتفة تطوق الصورة والشكل، لتبين قدرة الرسام على إقناع المشاهد بقوة الصورة وبألوانها الغامقة والفاتحة التي تفسر وتحلل اللوحة.

اصبح التشكيل يطرح قضايا علي مستويات متعددة بما تحتوي لوحاته من مضمون حول المجتمع  .

*المرجع: من كتاب الفنون لتشنينو تشينيني  Cennino Cennini

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.