مسرحية “شابكة”.. عوالم موازية لخلق الفرجة المسرحية

ورشة فن - مسرح

0 400

عبيد لبروزيين- المغرب

لربما كان الحدث أهم عنصر من عناصر العرض المسرحي، قديما وحديثا، غير أنه عرف تحولات كبرى في مسيرة المسرح نحو التحرر واستكشاف عوالم جديدة، إذ كانت ملفوظات الشخصيات أهم مؤشر لتناميه وتطوره، وصياغة حبكته وإبداع طرائق نسجه، لكن ذلك كان قبل أن عرف المسرح طفرة نوعية في تجديد خطابه منذ بداية القرن التاسع عشر، فأصبح الأداء ومؤثثات الركح من أهم علامات تنامي الحدث، وتحول العلامات اللسنية إلى علامات أيقونية وإشارية تسهم في بناء معمار العرض المسرحي كما هو الشأن بالنسبة لمسرحية شابكة لأمين ناسور.

تدور أحداث المسرحية حول أسرة تتكون من ثلاثة أفراد انزوت للهامش بعد حصول الأم صاليحة على تقاعدها كمعلمة، زوجها رجل متقاعد أيضا، لهما ابن يدعى سلطان، يعاني من البطالة ويشكو ضنك العيش، وسرعان ما تكشف المقاطع الحوارية والأغاني والرقص والموسيقى عن الفقر الذي تعيش فيه الأسرة رغم مكانتهم الاعتبارية في المجتمع، لأنها اختارت الانحياز والحفاظ على مبادئها، تلك المبادئ التي كرست الأم سنوات عمرها تلقنها لطلابها، لكن وقع الفقر كان أثقل من أي شيء آخر، حيث بدأ الأب يفكر في العمل لسد ثغرات الزمن الرديء، غير أن محاولاته كانت تبوء بالفشل دائما، ليستمر الوضع على ما هو عليه.

دأبت الأسرة الصغيرة على الاستماع للمذياع الذي تشاركه شخصياته حياتهم في جدال مستمر بأغانيه وأخباره المسترسلة. لكن تتغير الأحداث على عقب في الفصل الثاني عندما يتناهى إلى علم المعلمة صاليحة من صوت المذياع، أن رابح ولد رابح أصبح وزيرا لثلاث وزارات، وهو الذي كان أحد تلاميذها المتعثرين جدا، الأمر الذي أثار استغرابها ودهشتها، بل وحنقها أيضا، مفارقات الواقع أدت إلى تأزيم الوضع أكثر فأكثر… حيث يتردى فيه الكفء إلى الحضيض، بينما يرتقي من لا يستحق السلم الاجتماعي.

يستسلم الزوج لرغبته في استجداء الوزير رابح ولد رابح للحصول على عمل لابنه سلطان، أو لعله يجود عليهم من خيره لمواجهة متطلبات الحياة الكثيرة، بينما ترفض صاليحة ضغط أسرتها لطرق باب تلميذها السابق الذي أصبح وزيرا عن غير جدارة… لقد كان الألم يعتصر قلب صاليحة لما الت إليه الأوضاع، لكن ذلك لم يمنعها من الدفاع عن قرارها، والتمسك به غير ابهة بضغوطات الزوج والابن، ليسدل الستار على أغنية لمجموعة لمشاهب ترثي فيها الوضع القائم.

السرد الموسيقي

ليست الموسيقى في مسرحية شابكة فعلا خارج درامي، أو مكملة لمعنى، أو فلتة جمالية من فلتات المسرحية من أجل جلب الجمهور أو إضفاء طابع خاص، بل كانت أداة محورية في بناء عوالم الركح، ولربما اعتماد المخرج أمين ناسور على الممثل متعدد المواهب قد أكسب المسرحية طابعها الخاص أيضا، لذلك يتجاوز توظيفها تعميق الإحساس بالحزن والألم أو خلق أجواء المسرحية بصفة عامة، أو الدفع بالمشاعر المتناقضة لتأخذ طابعا دراميا في مشهد ما، لتتحول في هذه المسرحية إلى الة للسرد، سرد مأساة أسرة صاليحة بواسطة الموسيقى، لاسيما في بعض المشاهد التي يؤدي فيها الممثلون تجارب حياتهم الماضية أداء صامتا على أنغام تتناسب والمشهد الدرامي.

وحتى نقف عند هذه الآلية المحورية في صناعة الفعل الدرامي على خشبة المسرح، لابد من معرفة أن هذه الموسيقى مصدرها مذياع المنزل، المذياع الذي رافق حياة الأسرة الفقيرة يستقصون منه الأخبار ويطربون لأغانيه المختلفة بين الأغاني المشرقية والمغربية، وهي عموما يمكن أن تقسم إلى قسمين:

  • موسيقى صامتة:

لطالما خاطبت الموسيقى ما وراء العقل، لتستهدف الكهوف البلورية من مشاعر وأحاسيس الإنسان، فهي تساعد في خلق الجو العام للمسرحية، وتعميق الإحساسات والعواطف بما يناسب طبيعة المشاهد، غير أن الأمر الذي اضطلعت به الموسيقى الصامتة في هذا العرض هو السرد بالموسيقى، وهو فعل نادر في المسرح العربي والمغربي، وعلى نغمات مذياعية ينساب الصوت الموسيقي لينتشل العرض من المألوفية إلى الانزياح المتشكل في مجمل الخطاب المسرحي، عوالم من الادهاش المستمر، موسيقى انسيابية هادئة وعاطفية تروي كيفية التقاء صاليحة بزوجها، وكيف أفلت شمسها وهي تقضي زهرة شبابها في التدريس، نوستالجيا أمكنة متفرقة شهدت تضحيات المرأة.

  • الغناء

اختار أمين ناسور أغاني من فترتين مختلفتين، السبعينات والثمانينات، وقد أدتها المجموعة ببراعة فائقة:

الأغنية الأولى: قارئة الفنجان

تأليف نزار قباني وغناء عبد الحليم حافظ، وهي ليست حشوا مسرحيا أو فضلة زائدة في العرض المسرحي، بل تضطلع بشكل كبير في بناء الحدث الدرامي، إذ وظفها المخرج للتعبير عن الفقر الذي تقبع فيه أسرة صاليحة، وذلك من خلال التصرف في بعض كلمات الأغنية، إنها تجسد ذلك التناقض الضمني بين مشاعر الحب الجياشة والفقر والعوز، فهل يصمد الحب في وجه الفقر؟

الأغنية الثانية: يا داك الإنسان

تأليف الطيب لعلج، غناء عبد الهادي بلخياط، وفيها يمدح الابن سلطان أمه التي تتذكر بدورها أيامها الخالية، كيف لا؟ وهي المتقاعدة التي انهارت أحلامها لتلازم بيتها بعد سنين طويلة من العمل معلمة للصبيان، أغنية تقدم الفلاش باك بحس جمالي وفكاهي خلاق، هل ضاعت كل هذه السنين الطويلة هباء؟ لعله الحنين إلى الماضي، الماضي الجميل حين كان الجسد في عنفوان شبابه، الماضي الذي كان فيه وجه صاليحة ينضح بالجمال…

الأغنية الرابعة: أهواك

كلمات حسين السيد، غناء عبد الحليم حافظ، تجسد التفاؤل بغد أفضل، والانتصار لقيم الحب نكاية في اللامعقول الذي يرافق العالم الجديد، إنها أغنية تتقاطع مع شخصية صاليحة التي رفضت التنازل عن مبادئها من خلال حضور التضحية (أهواك واتمنى لو أنساك وانسى روحي وياك وينضاعت يبقى فداك)

الأغنية الثالثة: أحيدوس أحيدوس

فرقة لمشاهب، وتأتي هذه الأغنية في ختام المسرحية لتنقل تقلبات الزمن الرديء وغدر السنين، فلا الجسم معافى ولا صاليحة في المنزلة التي تستحقها باعتبارها معلمة سابقة بعد أن رمت بها عوادي الزمن في الهامش، أغنية ذات دلالات فنية وحمولات دلالية كثيرة، إنها صرخة في وجه الظلم، صرخة ألم كبيرة، صرخة في وجه الحياة التي شوه الإنسان وجهها.

إن الموسيقى في هذه المسرحية بمثابة السارد المستتر خلف شخصيات تقوم بالأحداث الان وهنا، بلغة الموسيقى، يسرد أمين ناسور حكاية صاليحة، ولعلها أضفت مسحة جمالية على المسرحية ككل، فالأغاني الأربعة تختزل مشاهد كثيرة من المسرحية، لحظات الحزن والألم، الذكريات الجميلة، غير أنها لا يمكن أن تشكل جزءا مستقلا بذاته، فهي تتناغم مع أجساد الممثلين الذين ترويهم الموسيقى، فصوت الموسيقى يقول هذا ما حدث، وتقول أجساد الممثلين هكذا حدث، إنها شعرية السرد الموسيقي التي تفتح افاقا واعدة لحساسية مسرحية جديدة في تشكيل معالم العروض المسرحية المعاصرة.

شعرية السينوغرافيا

لقد أصبح المسرح الحديث والمعاصر يولي اهتماما بالغا لخطاب الصورة، ومن هنا جاءت أهمية السينوغرافيا باعتبارها فنا لتزيين خشبة العرض المسرحي، لاسيما بعد التطورات التكنولوجية التي قدمت خدمات كبيرة للسينوغراف، هذه التقنيات التي استطاع من خلالها أمين ناسور خلق عوالم مختلفة من الفرجة المسرحية، فرجة تقوم أساسا على جماليات المشاهد بواسطة نسق من العلامات التي لا تشكل كلا منسجما إلا من خلال قراءتها قراءة أفقية وعمودية.

الديكور

صمم السينوغراف طارق الربح عالما من الجنون على خشبة المسرح كفضاء تدور فيه أحداث المسرحية، ديكور غير مألوف إطلاقا، يتكون من مذياع كبير الحجم، تقع داخله الأحداث وحوله، تتفاعل شخصياته مع الأسرة، كما تم توظيف سطحه الذي يظهر فيه اللاقط الهوائي ليكون فضاء لأحداث مختلفة تتناسب مع المواقف الدرامية، إما لمناقشة مصير الأسرة التي ساءت أحوالها، أو استرجاعا لأحداث الماضي، إنه عالم من الجنون كما يلاحظ من خلال هذه الصورة:

تظهر الصورة أعلاه عوالم الديكور، ديكور يخلق علامات أيقونية وإشارية حافلة بالدلالات، الأمر الذي يتيح للدارس إمكانات هائلة للتأويل، غير أن المتتبع لأحداث المسرحية يدرك هذا التداخل بين شخصيات المسرحية من أسرة صاليحة، وشخصيات المذياع التي تشارك عالم الأسرة وتتفاعل معه.

وبهذا المعنى يكون الديكور جزءا من العالم الغرائبي للمسرحية، المذياع وما يحمله من دلالة رمزية في المخيال الجمعي المشترك في الثقافة المغربية، فهو مصدر الأخبار الوحيد المتوفر للطبقة الفقيرة من المجتمع فترة طويلة (السبعينات والثمانينات)، صوت السلطة، وهو ما يتناسب مع أحداث المسرحية، فقد علمت صاليحة تعيين رابح ولد رابح وزيرا لثلاث وزارات من خلاله. لا جرم أن توظيف المذياع كديكور للمسرحية قد خلق أبعادها الجمالية، فإذا كان انزياح اللغة مكمن الشعرية الأدبية فإن هذا الانزياح البصري بدوره خلق شعرية سينوغرافية تكونت وفق نسق من العلامات التي استجاب لها المتلقي واستطاع فك شفرات كوداتها.

الإضاءة

تقوم الإضاءة بدور هام في العرض المسرحي، ولعل أبرز وظائفها خلق علامات مزاجية، والإيحاء بالجو النفسي من خلال إثارة العواطف والأحاسيس، والإشارة أيضا إلى الزمن الفيزيائي (صباحا، مساء…) ليس هذا فحسب، بل تضطلع الإضاءة في مسرحية شابكة بأدوار مختلفة، لا سيما وأنها تشكل فسيفساء متناغما فوق خشبة المسرح من خلال عملية التبئير، اللون الأزرق والبنفسجي والأصفر، في مشهد واحد، وهو ما يجعل منها علامات تستوجب قراءتها قراءة ديكرونية وسنكرونية للكشف عن الدلالات الثاوية خلف العلاقة الاعتباطية بين الدال والمدلول في هذا النوع من العلامات المسرحية، إنها إضاءة تشكل علامة منفتحة على قراءات عدة، حيث يصبح التأويل وتوالد الدلالة استراتيجية لتحديد الدلالات المتولدة من خلال تفاعل عناصر المسرحية.

وتأمل الصورة التالية كفيل بالإجابة عن بعض الأسئلة:

يتبين من الصورة أعلاه، أن السينوغراف وتقني الإضاءة، استطاعا توزيع الإضاءة بشكل دقيق على خشبة المسرح، لإضفاء التناغم المطلوب بين عناصر التشكيل المسرحي، مازجا بين الإظلام والظلال والألوان القوية والباهتة لخلق عوالم الفرجة المسرحية، لذلك سنتوقف عند دلالة الألوان في علاقتها بمكانها داخل الركح:

الأزرق: إن مشاهدة العرض كاملا، أو الصورة أعلاه على الأقل، توضح تسليط إضاءة زرقاء على صاليحة، وهو ما يتناسب مع دلالة اللون الذي يحيل على القوة والثقة والحكمة، فهو لون البحر والسماء، ولنا أن نتخيل علاقة النفس البشرية بعناصر الطبيعة هذه، الاتساع والحرية والهدوء، غير أنه يدل أيضا على الإخلاص والوفاء، وهو ما تجسده صاليحة التي اثرت التمسك بمبادئها ومواقفها في وجه السلطة والمال/رابح ولد رابح، ولا يعني ذلك أنها الوحيدة التي اتخذت هذا الموقف، فرغم رفض سلطان والزوج لقرارها إلا أنهما رضخا له في النهاية، وهي أمارة على انتصار الجمال على القبح، والوفاء على الخيانة، إنها كتلة متلاحمة تشكل صرخة في وجه العالم الجديد.

الأصفر: لون الشمس والنار، وهو يدل على الجبن والغش والخداع، وفي استقراء لدلالاته في العرض المسرحي يتبين أن السينوغراف قد وفق في توظيفه، إذ نجده مسلطا على مكبري صوت المذياع، فكل تلك الأشياء المنبعثة منه دلالة على عالم الانحطاط، كيف لا وهو مصدر خبر تولي رابح ولد رابح لثلاث وزارات، كيف لا وصوت الراديو يحمل تلك الأخبار الكئيبة المناقضة للواقع؟

البنفسجي: رمز العواطف الجياشة والهدوء والسكينة والبراءة، وقد سلط على سلطان، الابن، بما تحمله هذه الكلمة من دلالات عميقة تتساوق ومدلولات اللون البنفسجي، فهو يمثل البراءة/الضحية، ضحية مجتمع ينتصر للمحسوبية والزبونية، الأمر الذي جعله يعاني من البطالة. وهو لون ساخن لأنه يميل للزرقة، مما يجعل دلالته تقترب من الحزن واليأس، حزن على وضع وجد فيه سلطان نفسه، ويأس من تحسن الأوضاع وتغيرها.

الأزياء

وليست الأمارات كيانات مستقلة، بل هي وظائف، مثلها مثل الأيقونات، فقد تعين الملابس المسرحية طراز الزي الذي ترتديه الشخصية المسرحية أيقونيا، ولكنها تكون في الوقت ذاته أمارة، أو قرينة لمكانتها الاجتماعية أو حرفتها حسب عواد علي. إن الأزياء بهذه المعنى علامات إشارية حسب كير إيلام، فصاليحة ترتدي فستانا أبيض مزركش كما يتضح من خلال الصور، وهو بسيط يدل على الوضع الاقتصادي للأسرة، كما يدل في الوقت نفسه على أناقتها باعتبارها معلمة سابقة، ليس هذا فحسب، بل يتناغم مع سن الشخصية.

أما بالنسبة للزوج والابن، فهما يرتديان قميصا وبنطلونا، يدل على حقبة تاريخية صعبة، عرفت بسنوات الجمر والرصاص، فاللباس يحيلنا إلى فترة السبعينات والثمانينات، لاسيما سلطان، الذي يظهر في المسرحية كرجل خرج من تلك الفترة من خلال تسريحة شعره ولباسه. لقد كانت الأزياء في المسرحية منتقاة بعناية فائقة لتناسب الحدث الدرامي وشخصيات المسرحية، واستدعاء هذه الأزياء يشكل بدوره انزياحا عن الواقع، ويضفي على العرض مسحة جمالية خاصة كما هو الأمر في الصورة التالية:

صورة من مسرحية شابكة

خلاصة تركيبية

إن شعرية مسرحية شابكة تجميع لطرائق تعبيرية مختلفة في لغة واحدة، لغة شعرية تنهل من نبع الجمال لتشكل لغة المسرح وشعريته، وهذا ما حاولنا رصده من خلال تحليل هذه المسرحية، ومن خلال هذه المقاربة نستخلص أن الخطاب المسرحي يتشكل من عناصر مختلفة غير لسنية. غير أن المتأمل للعرض يلاحظ هيمنة عنصر على العناصر الأخرى التي تشكل لحمة واحدة، وهذا لا يعني أنها عناصر ثانوية، بل لها دورها في بناء عوالم الركح المسرحي.

ومن هذه العناصر التي أسهمت بشكل جلي في خلق النسق الكلي للمسرحية نجد الموسيقى وما اضطلعت به من دور أساس في البناء الدرامي للحدث، بل كانت بمثابة السارد، فهي تروي وتحكي حكايات أسرة صاليحة بنفس تراجيكوميدي، وهو ما جعل المسرحية أقرب إلى البسيكودراما نظرا لتأثيرها النفسي. كما كانت الأغاني التي تصرف المخرج في بعض كلماتها جزءا محوريا من تنامي الأحداث، بل هي لغة مختزلة تكثف الأحداث بطريقة شعرية وجمالية، وتجعل الزمن ينساب في عوالم المجهول، لتعكس مآسي جيل بكامله، جيل كان شعلة النور التي يستضيء بها الجيل الجديد. وبهذا كانت الأغاني احتفاء بالماضي، ومصالحة له في قالب موسيقي درامي يجمع طرحا من المتناقضات.

هذا وكانت العناصر الأخرى حاضرة وبقوة لتختزل اللغة الملفوظة على الركح، أو لتكون بديلا لها، فالسينوغرافيا ليست عالما موازيا للعرض المسرحي، بل فضاء جماليا يضم علامات مختلفة قابلة لأكثر من قراءة أو تأويل.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.