هذه الحياة مثل عتبة/ أخشى أنني لن أستطيع اجتيازها

قصائد للشاعر الصيني شيوي لي جي

0 638

ترجمتها عن الصينية: يارا المصري- مصر

ابتعلتُ قمراً من الحديد

ابتلعتُ قمراً من الحديد

يسمُّونه المسمار

ابتعلتُ النفاياتِ الصناعيةَ، وإشعارَ فقدي وظيفتي

ومات الشبابُ الأحطُّ من الآلاتِ قبل أوانِه

ابتلعتُ الكدحَ، ابتعلتُ أن أكون شريداً

ابتلعتُ جسورَ المشاة، وابتلعتُ رواسبَ الحياة

لذا لا يمكنني أن أبتلعَ أكثرَ من ذلك

كلُّ ما ابتلعتُه ينفجرُ خارجًا من حلقي الآن

وبسطتُ على أرضِ وطني

قصيدةً بائسة.

في مغربِ الخريف

في مغربِ الخريف

بإمكاني أن

أصيرَ كفنًا، أن أصيرَ إكليلًا

أن أصيرَ تابوتًا، أو قاعةَ مأتم

أو أن أصيرَ شاهدَ قبر، أو قبرًا مهجورًا

إلَّا أن أكون

إنسانًا.

ثلاثُ عظام

 

أيها الغريب، من فضلك لا تُرهق نفسك

من فضلك اجمع العظامَ الثلاثَ التي

أخرجتها من جسدي الليلةَ الماضية

لتكن العظمةُ الأولى لكَ فأسًا، تُحيي بها

ما تبقى من حقلك وقلبك

أمسك العظمةَ الثانيةَ بثبات

فهذا عكازٌ لا يُقدَّرُ بثمن، واستند عليه

لتطيحَ بالرعبِ الذي يداهمك في ليالي الحياة

احفظ العظمةَ الثالثةَ

وانتظر إلى العامِ القادم، وفي إحدى الليالي

اغرسها إلى جانبِ شاهدِ قبري المغطَّى بالحشائش.

Zao Wou-Ki-1959-China
Zao Wou-Ki-1959-China

المِصعَد

 

دخلتُه

دخلتُ تابوتاً منتصبًا

وإذ ينغلقُ غطاؤه شيئًا فشيئًا

أنفصلُ تمامًا عن العالم.

نبوءةٌ ما

يقولُ الكبارُ في القرية

إنني أشبه جدي للغاية في شبابِه

في البدايةِ لم أصدقهم

لكن عندما ذكروا ذلك مرةً أخرى

قطعتُ الشك باليقين

لم أكن أشبه جدي في ملامحِه فحسب

بل في طبعِه وهوايتِه كذلك

وكأننا وُلدنا من رحمٍ واحد

مثلاً، كان لقبُ جدي “قصبة البامبو”

ولقبي “علّاقة الملابس”

كان جدي يتحملُ الإهانات مُكرهاً دائماً

وأنا أكون دائماً مطواعاً

كان جدي يحب الألغاز

وأحبُّ أنا التنبؤ

في خريف عام 1934، دخل الشيطان القرية

وأُحِرقَ جدي حيَّاً

وكان عمره ثلاثةً وعشرين عاماً

وعمري هذا العام ثلاثةٌ وعشرون عاماً.

الحُلم

 

الليلُ، بدا وكأنه عميق

اختَبَرَ عمقَه بقدمِه

كان هذا العمقُ يصلُ إلى ركبتِه

أما النوم

فكان قليلَ العمقِ، كان ضحلاً

هو، غريبٌ قادمٌ من بعيد

تحت شمسِ يونيو

يكون شارداً أو هائماً

والريحُ تهب، وتسقطُ بضعُ شَعراتٍ بيض

وفي تلك المغاربِ الباعثةِ على النعاس

يحملُ حنينَه إلى وطنِه

متجولاً جيئةً وذهاباً في مفترقِ طرقِ الحياة

هذا الألم، أكثرُ ثقلاً من سلسلةِ التلالِ الخضراءِ في مسقطِ رأسِه

انحنى، وظلَّ يبحثُ مراراً

عن ذلك الحُلم التي روته والدتُه.

روايةُ تشويق

 

اشتريتُ مزهريةً من على الإنترنت العامَ الماضي

لم تصلْ إلا البارحة

ولكي أكون منصفاً

فاللومُ لا يقع على شركةِ البريدِ السريع

بل يقع على مسكني الذي يصعبُ العثورُ عليه

لذا حين ظهر ساعي البريد أمام بابي

متصبباً عرقاً

إلى جانب أنني لم أوبخه

قابلته بابتسامةٍ لطيفة

ومن لطفِه

أومأَ برأسِه وانحنى

ولكي يعربَ عن أسفِه

كان يقفُ أمامَ قبري

ويضعُ باقةَ زهور.

ورديٌّ

 

كنتُ مولعاً بمقبرةٍ، تقع في قرية حضرية

منذ أمدٍ طويل

كنتُ مولعاً بشاهدِ قبرِها الوردي، والأرضِ المعشبةِ الوردية

والجدولِ الوردي والغيومِ الوردية

سأحمل مرضاً وردياً طوالَ حياتي

وأرقدُ في تابوتٍ ورديّ

وحين يُغلَقُ التابوتُ ببطءٍ

سأحدِّقُ بثباتٍ إلى سماءِ منتصفِ الظهيرةِ الورديةِ وشمسِها الوردية

وأدعُ دموعاً وردية تنهمر بهدوء.

شيوي لي جي
ولد شيوي لي جي عام 1990، وكان شاعراً وعاملاً في مصنع. نشرت له العديد من القصائد في الدوريات الأدبية في الصين، ويعتبر من جيل شعراء ما بعد التسعينات في مدينة شينجين الصينية. وفي الثلاثين من سبتمبر عام 2014 انتحر ملقياً بنفسه من المبنى حيث كان يسكن. وكان آخر ما كتبه: هذه الحياة مثل عتبة/ أخشى أنني لن أستطيع اجتيازها

عن المترجمة:

يارا المصري

مترجمة مصرية، نشرت قصصاً ونصوصاً شعرية ودراسات مترجمة عن اللغة الصينية إلى اللغة العربية في العديد من المجلات والصحف المهمة. تجيد اللغة العربية والانجليزية والصينية.

فازت بالمركز الأول في مسابقة جريدة أخبار الأدب للشباب في الترجمة 2016 عن ترجمتها لرواية (الذواقة) للكاتب الصيني “لو وين فو”. وحازت مؤخرا على جائزة الإسهام المتميز في الكتاب الصيني عام 2019.

ترجمت ونشر لها العديد من العناوين منها في

1-المجموعات القصصية (العظام الراكضة– – آشه),( رياح الشمال– بينغ يوان)و(حياة أخرى للنساء- سوتونغ )

2- الرواية (الذواقة – لو وين فو) و( زوجات ومحظيات– سوتونغ)

3-الشعر(أحتضن نمراً أبيض وأعبرُ المحيط– خاي زي), (معابد معتمة – شي تشوان) و (شيء اسمه حجر يليه كوكب مصر- أويانغ جيانغ خي).

للتواصل مع المترجمة:

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.