أحمد غريب – دار الرافدين – لبنان / العراق
الجدول المزدحم والتأقلم مع البلد المضيف
لطالما حطت دور النشر العربية رحالها في ميادين الكتاب، وبصورة متنقلة في جميع الدول العربية والتي يفوق عددها بالسنة عن حوالي الخمسة عشر معرضاً مختلفاً. اهتمت هذه الدور بنشر الثقافة من أوسع الابواب، وعملت على تأمين ايصال الكتب قبل البدء بالمعرض تفادياً لأي مشاكل لوجستية. واجهت الكثير من الصعوبات التي تؤثر على عملها بشكل فعلي، لكن يأتي، بشكل بارز منها: ما يعانيه الناشر من ازدحام الجدول الزمني للمعرض على سبيل المثال، والذي يكون متداخلاً معه بأيام قليلة معرضٌ آخر في بلد بعيد كل البعد عن مكان التواجد؛ أو حصول تأخير مما يؤدي لعدم وصول الكتب وعرضها بأجنحة الناشرين يوم الافتتاح، وكثيراً ما عانينا من هذا الموضوع. يبقى الأساس، في هذه التحديات، هو قدرة الناشر على كيفية التأقلم مع أوضاع البلاد (المستضيفة للمعرض) الاقتصادية وظروفها، من حيث تقديم أسعار جيدة ومناسبة بحسومات معينة، وعروضات مختلفة؛ لتكون في متناول الجميع، بغض النظر عن مجمل التكاليف التي يتكبدها الناشر جرّاء مشاركته في مختلف المعارض.
ممارسة الإعلام والإعلان بمهنية صرفة
ظاهرة الفعاليات المزدحمة باتت متكررة في الآونة الاخيرة، وازدادت تبعاً للتطور التكنولوجي من جهة، ومن جهة اخرى لتقديم صورة دعائية وثقافية … الخ عن هذا المحفل المزعم إقامته؛ ألا وهو معرض الكتاب. هذه الظاهرة تحمل اتجاهين: اتجاه إيجابي وآخر سلبي. إيجابياً، كان المشروع الثقافي والدعائي بشكل أساسي هو المحرك الاساس للتعريف بالمعرض، وطبيعته، وأسماء المشاركين فيه، والمؤلفين وغيره من الامور التي تتكون منه وتشكله. يأتي الإعلام كي يغطي جميع الفعاليات بطريقة جيدة، فيتابعه الكثيرون محلياً وعالمياً؛ لمعرفة آخر الاسهامات الحديثة على مستوى النشر، وإلى مدى تطوره أو تأثيره عن الاعوام السابقة، فيشكل بذلك مقارنة عامة، تفضي مستقبلاً لدراسة خطط معينة تساهم بذلك نحو التطوير. كما أن للإعلان والإعلام له دور مكمل، حين يمارس بحسب المهام والطريقة المراعاة اتباعها كدور مهني صرف.
اما من الناحية السلبية، فتكون بشكل عام عن مدى تركيز الإعلام والإعلان عن إصدار جديد معين، والاهتمام بالمؤلف في أثناء حفلات التوقيع أو ما شابه، بغض النظر عن محتوى الكتاب؛ ليصبح الكتاب سلعة ترويجية، ويؤثر ذلك على الهدف الرئيسي، من موضوع النشر؛ وهو أن يكون تأدية الثقافة الهادفة والرصينة التي تصل الى احتياجات القارئ حين حضوره للمعرض، أو لسماعه عن الإعلان بأي وسيلة تواصل كانت.
يُمنع سنة، ويُسمح بأخرى، والسبب يُعرف أو يُكتم
لا شك، أن موضوع الرقابة أخذ تأثيره بشكل تامٍ على الناشر، فلطالما تكبدنا عناء شحن كتب بكميات معينة لتصل الى مستودعات المعرض فتُحجز بسبب رقابي ما: إما يشار له ونعرف عنه، وإما يتكتم عن الموضوع. تحجز هذه الكتب غالباً بحجة عائمة (مخالفتها رقابياً أو إعلامياً للعرض). مع العلم، أنه حصل في سنوات عدة أن يمنع كتاب في سنة معينة، ويسمح له في السنة المقبلة. (طبعاً، بعيداً عن تلك الكتب التي قد تحمل منحى سياسياً ما أو دينياً يعارض سياسات هذه البلدان المستضيفة، والتي لا أحد طبعاً من الناشرين الواعين يرضى به كي لا يُشكل أي تبعات سيئة بعده لسمعتنا بشكل رئيسي كناشرين وهدفنا الثقافي الرئيسي).
الدولة المضيفة وموقع المعرض بالنسبة للمدينة
في الدول التي تقيم المعارض، طبيعة الاصدارات المستهدفة تعتمد على طبيعة القراء في كل دولة. بعضهم يهتم بالكتب الأدبية؛ وبعضهم بالكتب المترجمة التي انتشرت مؤخراً، وباتت من أهم الموضوعات التي يطلبها القراء (طبعاً الكتب المترجمة يُقصد بها الكتاب الذي يُترجم عن لغته الأم إلى العربية وفي أي موضوع كان)؛ البعض الآخر يطلب الكتب الدينية، أو الدواوين الشعرية، أو الكتب التاريخية ودراساتها… الخ. في هذا الإطار، لا علاقة مرتبطة بشكل مباشر من ناحية موقع المعرض بالنسبة لخريطة المدينة التي يقام فيها، لكنه مرتبط بطبيعة القراء في مجتمعات هذه الدول.
من ناحية أخرى، يبقى الهدف الأساس، أن يكون مكان المعرض في موقع جيد وسط المدينة، أو مكان تواجد السكان كي يسهل وصولهم، وتكرار زيارتهم أيضاً للمعرض خلال مدته الكاملة. من المؤكد، يعتبر ذلك من أهم النقاط التي ممكن أن نتكلم عنها، فالموقع القريب من وسط المدينة، أو المكان الأكثر تواجداً للسكان يبقى الأفضل في هذه الناحية، كي لا يتكبد هذا القارئ عبء التنقلات، وحمل الكتب … الخ. فانطلاقاً من هذه النقطة، تبقى رغبة الناشر للمشاركة على الدوام من ضمن الأولويات. جُلّ أهدافنا هي: الالتقاء بالقراء، والمثقفين؛ حضور الأطفال، على سبيل المثال، إلى هذه الفعاليات هو واحد من أهم المواضيع لغرس الثقافة لديهم؛ عرض ونشر الكتب؛ وايصالها إلى جميع الدول لتكون سهلة التناول ومتوفرة للجميع.
حساب دار الرافدين على الفيسبوك
حساب دار الرافدين على اليوتيوب