الالتفاتة الأخيرة

لذة الغواية - نصوص ورشة الكتابة القصصية

0 620

خير الشحري – عُمان

استيقظت على صباح سكب المزيد من النّور. تفتّحت الزّهور من حولها، يبدو الشّروق شيئا هادئا في الخارج، لكن في الدّاخل تتزاحم أفكار وأشياء متفرّقة لم تتلملم. أرهقتها الأيّام؛ تبحث عن وطن على صهوة الزّمن الّذي أنهى حديثه للتوّ معها، فوجدت نفسها في التّيه شريدة؛ خارج الزّمان والمكان، واللّيل والنّهار. تقاوم شيئا واحدا؛ وهو طهر الحلم، والحقيقة في ضحكاتها وأشواقها، وأسرارها عبراتها، وأن لا تموت روح الطّفولة بداخلها يومًا ما. لطالما أحسّت بشيخوخة الحياة تداهمها من فرط البكاء وغضبها أيضًا. كانت مخاضا عسيرا أبديا لسحر حسن، ونقاء الحياة الّتي تغيّرت عليها ألوانها وبريقها، وباتت تأخذ طرقات الاختفاء؛ ثمّ اختفت فجأة دون أن تلوح لها. والأيّام الّتي تليت اختفائها، والأحلام والأمنيات طارت، وتلاشت صور ووجوه البشر من حولها، وتغيّر كلّ شيء في طبائعهم، واشتبكت مع الواقع؛ فخسرت. ابتسمت للحياة مرّة أخرى، مخبئة بجوفها، وبين الضّلوع عتمة وقسوة ذلك الواقع الغير متكافأ في الحياة، وأصبحت عنه غريبة.

وتتساءل من تكون؟ وإلى أين تمضي؟

فتخبرها الأيّام: “لا تكترثي”. قرّرت أن تمضي بعض الوقت إلى خلوة مع النّفس، ولازالت الشّمس ترسل الضّوء، ويستولي على السّماء لحين مجيئها، تبعت طريقها تلتفت، ثم مشت.. ومشت في ذاك الطّريق الموحش؛ أتت قبل الموعد بخمس دقائق قبل أن يعانق اللّيل أضواء النّهار وجلست على رصيف تنتظر ليل الحياة، وتتخفّى في قناعه، وهي تلقي آخر نظرات الوداع على تقاسيم وملامح زمن لم يترك أثرا لعودتها، وفيه خبّأت ذكريات، وبعض حنين.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.