حسن آل حمادة صديق الكتب والمؤمن بـ (اقرأ)

الشغف الذي صنع نادي قراءة وبسطة كتب وعش كتب

1 1٬028

سمارود – السعودية

حسن آل حمادة، رفيق الكتاب، هكذا يعرفه الناس، القاص الذي لم ييأس ولم يصدق المقولة التي رددها كثيرون بأن الناس لا تقرأ، فأخذ الكتاب إلى الناس وقربهم منه، قدم لهم مبادرات عديدة كسر فيها الحواجز التي بنتها الثقافة بنخبويتها مع المجتمع. فآل حمادة عرف ببسطة كتبه التي جال بها المجمعات التجارية والكورنيشات والمهرجانات الترفيهية والحدائق، يفرش طاولته ويصف كتبه عليها ويقدم للناس وجبة معرفية من خلال الكتب التي يبيعها. من مبادراته أيضاَ نادي القراءة وعش الكتب. سألناه عن شغفه بالكتب، متى بدأ، وكيف كانت علاقة البدايات مع المكتبة.

بدأت علاقة حسن آل حمادة مع الكتابة كما يقول “تتشكل في البداية على استحياء خلال المرحلة المتوسطة، انطلاقًا من مكتبة المدرسة، ثم مرورًا بالمكتبات والقرطاسيات التجارية التي توفّر بعض الكتب الثقافية والأدبية وغيرها. وأتذكر على سبيل المثال: مكتبة السماح في مياس، ومكتبة الشريف الرضي بالكويكب، ومكتبة الراشد -والمكتبات المحيطة بها- في سيهات، وفي المرحلة الثانوية كنت أقصد مع بعض الأصدقاء فروع مكتبات تهامة في الدمام، إضافة لمكتبة المتنبي، كان هذا الكلام بين 1407هـ إلى 1410 تقريبًا”، هذا الشغف للكتب والمكتبة هو ما دفعه إلى التحول من دراسة الاقتصاد إلى الدراسة في كلية الآداب ليتخصص في المكتبات والمعلومات، فكان دائما ما يتخيل نفسه بين الطلاب وهو يحدثّهم عن عالم الكتب الذي أحبه، أو أن يكون موظفًا في مكتبة من المكتبات العامة أو الجامعية. ونجح في أن يوفق بين الحلمين، فأصبح معلماً للمكتبة والبحث وهو ما وثق علاقته بالمكتبات لتنفيذ البرامج والأنشطة، منذ بداية عمله كمعلم وحتى الآن.

آل حمادة ليس مجرد عاشق للكتب وصاحب مبادرات، بل هو أيضاً كاتب وفي سيرته عدد من الإصدارات التي تنوعت بين الكتب الدينية والاجتماعية وبين القصة القصيرة التي عُرف بها، سأبناه أي أشكال الكتابة هن القرب إليه، يقول في معرض عن هذا السؤال “كتاباتي هي وليدة لحظتها، فقد كتبت أول عمل لي وهو (أمة اقرأ… لا تقرأ: خطة عمل لترويج عادة القراءة)، نتيجة معايشة واقع الطلاب في الجامعة وتسجيل مرئيات حول علاقتهم بالكتاب، ثم كتبت (لماذا يفسخون عقد زواجهم؟)، نظرًا لقربي من حالات متعددة آلمتني قصصها! وهكذا وجدت ما يثيرني لأكتب مقالة أو بحثًا أو قصة أو تطفلًا على قصيدة، فأنا من النوع الذي لا يحب كبت مشاعره، فأدعها تأخذ طريقها على الورق بعيدًا عن الصورة التي ستخرج بها لاحقًا”، يكمل بوحه ويقول: “فأنت حين ترى امرأة تقف تحت أشعة الشمس الحارقة وهي تستجدي الناس وتتوسلهم ليتصدقوا عليها ببعض الفتات، فمشاعرك قد تسكبها بشكل دمعة ساخنة، وغيرك ربما بادر ليعطيها بعض المال، وثالث ربما دوّن عنوانها ليطلب من جمعية ما أن تساعدها، وهكذا!، وحالي مع الكتابة ربما يتمظهر بناء على حالتي الانفعالية. وأجد أن أجمل كتاباتي -في كل ما ذكرت-، هي الكتابات التي أعيش حرارتها أثناء الكتابة، وأكتبها من واقع قلب تسكنه المحبة لا التصنّع”.

قبل سنوات أسس نادي اقرأ كتابك، وكان ناد نشطًا بفعالياته الثقافية، والفكرة ولدت -كما يقول- بعد تنفيذه لمهرجان اقرأ كتابك، الذي دعا لانطلاقته على الواجهة البحرية لكورنيش القطيف، بتغريدة في تويتر وبوست في الفيسبوك عام 2013م. المهرجان الذي تعاضد في نجاحه العديد من المهتمين بالشأن الثقافي، وبعد الحضور الملفت والمتميز في المهرجان، كان لا بد من التفكير في استثمار هذه التجربة الناجحة للدعوة لتأسيس نادٍ حمل اسم (نادي اقرأ المتنقل)، قبل تغيير مسماه لاحقًا ليحمل اسم المهرجان، الذي أعتبره الكثير من المهتمين حدثًا مميزًا ومختلفًا في مشهدنا المحلي، فلأول مرة يحضر المئات وهم يتأبطون الكتب على الواجهة البحرية في تظاهرة ثقافية تنتصر للكتاب، وقد نفذ النادي أمسيات أدبية في المجمعات التجارية وكانت الانطلاقة مع المسرح ثم مع الشعر وكان الحضور في الأماسي لافتًا من الجنسين، ثم في خطوة لاحقة نظم النادي بالتعاون مع المكتبة العامة بالدمام عدد من الورش بحضور كبير، فالناقد محمد العباس قدم ورشة عن الرواية، و وكان حضورها كبيرًا، ففي الرواية شاركنا الناقد محمد العباس، والقاص برير الصلاح ورشة عن القصة القصيرة والشاعر والمترجم رائد الجشي ورشة عن الشعر. بالإضافة لتنفيذ فعالية ساعة قراءة حرّة في المكتبة العامة بالقطيف ومثلها في المكتبة العامة بالدمام، إضافة لمعرض تبادل الكتب في المكتبة العامة بالقطيف الذي حالت بين النادي وبين تنفيذه جائحة كوفيد 19.

النادي الذي أسسه مع عدد من المهتمين بالكتاب والثقافة كان من أوائل أندية القراءة في المملكة، وبعد شنوات من النشاطات والفعاليات والمبادرات توقفت نشاطاته ويأمل حمادة أن يعود كما كان وأفضل نشاطاً وفاعلاً بعد جائحة كورونا لكنه يتساءل: “النادي متوقف حاليًا، ولا أدري، هل سينهض به الأصدقاء ليأخذ مكانته مجددًا أم سيصبح خبرًا من الأخبارِ؟”.

من فعاليات بسطة حسن في الواجهة البحرية
من فعاليات بسطة حسن في الواجهة البحرية

اشتهر حسن آل حمادة بين الناس بالبسطة، (بسطة حسن) التي تتجول وتنتقل أينما كان الناس. وبداية البسطة “تتشابه مع مهرجان اقرأ كتابك، فقد بدأت بتغريدة أخبرت فيها الجمهور أنني سأقصد الواجهة البحرية لكورنيش القطيف بمجموعة من الكتب التي سيتم عرضها للبيع أو للاستعارة، وكان الحضور متواضعًا في الأسبوع الأول، وكانت أول تغطية إعلامية بمبادرة من الصحافية وفاء الخويلدي في شبكة القطيف اليوم وقالت ضمن تغطيتها: “لفتت بسطة صغيرة، افترشها الكاتب حسن آل حمادة على الواجهة البحرية بالقطيف، أنظار مرتادي الكورنيش، اليوم السبت 19 ربيع 1439هـ، فتفاعلوا معها بالقراءة والشراء. وكان اللافت هو احتواء البسطة على كتب متنوعة وموجهة لمختلف الفئات، حيث سعى الكاتب من افتراشها لتعزيز ثقافة القراءة”.

وبعد تفاعل الناس مع الخبر ازداد عدد الرواد وازدادت التغطيات الصحافية والسنابية -إن صح التعبير- وأسهم كل ذلك في مضاعفة الاهتمام بها، كما تم تغيير مسماها بفضل السلطة الإعلامية إلى مسمى “بسطة حسن”، وهو الاسم الذي يستلطفه كثيراً.

البسطة لم تكتف بالتواجد في الواجهة البحرية التي يرتادها الناس خاصة في الإجازات متى ما كان الطقس لطيفاً ومحفزاً على ارتياد الواجهة، بل تعداها ليشمل المولات التجارية والمهرجانات المحلية كما تم استضافتها في رياض الأطفال إضافة إلى تواجدها في كلية محلية مخصصة للنساء. وسألناه إن كانت البسطة ضمن غاياتها الربحية، فيجيب: “نعم، هناك فكرة ربحية. لكنها، ليست في مقدمة أهدافها! فالهدف الأول من إقامتها يتمثل في تشجيع وتنمية عادة القراءة في المجتمع عبر توفير الكتب في الأماكن العامة التي يتواجد فيها الناس، ولعل هذا هو سر نجاحها الأول. والبسطة تستهدف التعريف بالمؤلفين ومؤلفاتهم، عبر اتاحة المجال بشكل -شبه أسبوعي- لإقامة حفل مصغر لتوقيع الجديد من الكتب، كما تبنّت طباعة ورعاية مجموعة من الكتب المفسوحة في البلد وفي لبنان أيضًا”.

الاقبال على البسطة يبدو كبير جدًا، وفي بعض الأماكن الجديدة يتفاجأ الناس وهم يرون رجلًا يعرض مجموعة من الكتب في أماكن لم يعتادوها، لذا قد يتوقف البعض ليقلّب أغلفة الكتب من باب الفضول، ثم تجده يقتني بعضها وهو يسأل: هل لا يزال الناس يقرؤون الكتب؟، ولأن وسائل التواصل الاجتماعي قادرة على التسويق لأي منتج، فإنه استخدم تطبيق الأنستقرام في عملية التسويق للكتب، حيث تطلب الكتب من خلال التطبيق لتُرسل لموقع من طلبها، أو يتم استلامها من موقع إقامة البسطة.

سألناه عن أكثر الكتب رواجاً من خلال تجربته في البسطة، فأجاب أنه كان يملك تصوراً أن الرواية هي الأكثر رواجاً، “لكن، ومن خلال التجربة وجدت أن التنوّع يتعدد حسب اهتمام الأشخاص وعمرهم القرائي. كما إن للإعلام دوره في تشكيل الذائقة القرائية. ودعني أخبرك بهذه المعلومة حول اختيارات القُرَّاء: هل تتصور أن بعضهم وهم تحت سن الخامسة عشرة يطلبون كتبًا فلسفية وفكرية وقد اعتدنا سابقًا، ممن هم في هذا العمر طلب الكتب المعنية بالتنمية البشرية عادةً! فالساحة تشهد تغييرًا جميلًا يا صديقي”.

القاص حسن آل حمادة مع ما يملك من تجربة قصصية، فضل أن يكون هو القصة التي تروى هنا وهناك، خاصةً بعد صدور رواية بسطة حسن بقلم الدكتورة فاطمة أنور اللواتي في عمان.

آخر مشاريعه ومبادرته التي تلقفها الإعلام ليضيء عليها، هو (عش الكتب)، وفكرته امتداد لانشغاله بثيمة (إقرأ)، “فبتصوري إننا بحاجة لبرامج عديدة ومنوعة لأجل تشجيع عادة القراءة في المجتمع، لذلك في اليوم الوطني 90 أحببت أن أهدي وطني فكرة العش الذي ثبته بجوار سور منزلي، وتمثلت المساهمة بتوزيع 90 كتابًا ثم ضربت العدد في 3 وكان المجموع = 270 كتابًا، والآن أصبح العش مقرًا لتبادل الكتب واستعارتها يوميًا”.

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. […] حسن آل حمادة صديق الكتب والمؤمن بـ (اقرأ) […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.