من عالم الخيال الساحِر!

0 564

زينب علي البحراني– السعودية

ليس من السهل أن يستطيع مشروعٌ ثقافي فردي الصمود زمنًا طويلاً ما لم يكُن وراء هذا الصمود ما يُشبه المُعجزة؛ ويُمكنني اعتبار مشروع “بسطة حسن” من تلك المشاريع النادرة التي استطاعت تحقيق مُعجزة البقاء على قيد الحياة أعوامًا طويلة حتى اليوم، رغم كل التحديات؛ ولا شك عندي أن إيمان صاحب هذا المشروع برسالته، وصبره، وإصراره، ومُثابرته، وسعيه المُستمر لابتكار كُل وسيلة مُجتمعية مُلائمة لتغذية مشروعه، ونشره بصورة راقية لائقة من أهم أسباب استمراره والإقبال عليه.

صفاء نيَّة، وولعٌ بالقراءة، وإيمانٌ عميقٌ راسخٌ بدورها في تنمية المُجتمع، كلها عواملٌ – لولا اجتماعها وتضافرها معًا – لتوفي المشروع منذ زمنٍ بعيد. أيضًا، وجود ذاك الشعور المُريح بـ “الأُلفة” عند التعامل مع صاحب المشروع؛ سواءً، كان المُتعامل معه “قارئًا” يهوى اقتناء الكُتب وقراءتها، أو”مؤلفًا” يطمح أن تنال مؤلفاته حظ إيجاد مكانٍ يتسع لها بين بقية كُتب البسطة. تلك الألفة المُريحة الناجمة عن كونه يعيش شخصيته البشرية الطبيعية، دون حاجةٍ لارتداء شخصيةٍ أخرى مشحونة بالتعقيد والغطرسة وأوهام العظمة تجعل من التعامل أمرًا عسيرًا محفوفًا بالحواجز والأسلاك المعنوية الشائكة، ويبدو أن عفوية تلك الشخصية من أهم أسرار نجاح البسطة في استقطاب شرائح متنوعة من المُجتمع، وإغراء شرائح جديدة بهواية القراءة.. أظن أنهم يقولون في أنفسهم حين تقع أبصارهم على وجهه في أحد مواقع تواجد تلك المكتبة الصغيرة المُتنقلة: “هذا الشخص الذي يقف هُناك يُشبهنا، فلنقترب إذن ونرى ما يوجد عنده لعلَّه ينفعنا”، وما أن يقتربون حتى يتدحرجون في عالم القراءة مثلما تدحرجت ألِس نحو بلاد العجائب!

إن وجود “بسطة حسن” يُشعرنا – نحن الذين نهوى القراءة- بأن فلذة من فلذات الخيال، التي نعيشها حين نستمتع بقراءة الروايات والقصص، قفزت من ذاك العالم السحري المُذهِل إلى أرضِ واقِعنا المُعاش؛ طاولة مليئة بالكُتب في أحضان الطبيعة المجانية التي يستطيع الجميع ارتيادها دون عوائق، وعلى امتداد البصر ثمة بحرٌ وزهورٌ وعشبٌ أخضرٌ، سيدات يحملن أطفالهن، أطفالٌ يُحركن أقدامهن على دراجاتهم الصغيرة، وأُسرةٌ مُجتمعةٌ على بساطٍ لتتناول بعض العصائر والشطائر، بينما قطٌ صغيرٌ كسول يتثاءب تحت أشعة الشمس الدافئة، هل هُناكٌ مشهدٌ يمكنه أن يكون أكثر رِوائيَّة من هذا الذي رأيته حين وقع بصري على بسطة حسن في كورنيش القطيف للمرة الأولى؟!

يمكن قراءة مقال عن البسطة على هذا الرابط:

حسن آل حمادة صديق الكتب والمؤمن بـ (اقرأ)

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.